العلاقات الملتبسة.. مصر -عباس- حماس -دحلان

العلاقات الملتبسة.. مصر -عباس- حماس -دحلان
ترجمات

ترجمة: مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية- (عن موقع "واللا" - آفي يسسخروف)

 

تقارير لا حصر لها، نشرتها وسائل إعلام عربية وفلسطينية، حول الاتصالات بين محمد دحلان، الخصم السياسي الأكبر لرئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، وبين ممثلي حماس في قطاع غزة، والتي أجريت في مصر. أبو مازن، ورجاله أيضًا، سمعوا كثيرًا عن الشائعات التي تتعلق بأمر الصفقة التي يتم طبخها من قبل مصر والامارات المتحدة من وراء ظهر السلطة الفلسطينية.

 

تلك اللقاءات التي عُقدت في القاهرة تحت إشراف دقيق من قبل المخابرات العامة المصرية برئاسة خالد فوزي، تم تفسيرها على أنها بصقة في وجه رئيس السلطة الفلسطينية. أبو مازن لا يعجبه ما فعلته المخابرات المصرية في الوقت الذي حاول به تشديد الضغط على حماس في غزة للتنازل عن الحكم في القطاع، عن طريق تقليص الرواتب، تقليل إمدادات الكهرباء. الرئيس الفلسطيني تفاجأ من حقيقة أنه بينما هو تحديدًا في ذروة خطوة دراماتيكية كهذه من أجل اخضاع حماس، يأتي المصريون - الذين كانوا في الماضي حلفاءه - ليقدموا للتنظيم حبل إنقاذ ممثل بصورة محمد دحلان، خصمه الأكبر.

 

اقتراح دحلان لحماس، مثلما تم تقديمه أمامهم في الاجتماعات وجزء من تفاصيلها، تم الكشف عنه، لا يقل عن كونه ثورة: محطة طاقة يتم بناؤها على الجانب المصري وتزود الكهرباء لكل قطاع غزة بتكلفة 150 مليون دولار، فتح معبر رفح بشكل منتظم تحت إشراف جهات أمنية جديدة، وإدخال التجارة لقطاع غزة من مصر. في غزة سيتم إنشاء هيئة طاقة جديدة، مستقلة، تجبي من السكان أموالًا مقابل الكهرباء التي سيتلقونها، وبذلك لن تعتمد الكهرباء الغزية على مساعدات اقتصادية خارجية. هذا ليس إلا جزءًا من الاقتراحات المغرية التي قدمها دحلان ورجاله أمام مسؤولي حماس الذين التقوه في القاهرة الأسبوع الماضي.

 

سلسلة الاقتراحات التي جاء بها دحلان، بدعم وتمويل من الامارات العربية، مفترض أن تُحقق عدة أهداف تخدم مصالح أطراف كثيرة، باستثناء رئيس السلطة الفلسطينية وقيادة فتح في الضفة.

 

أولًا: في حال وافقت حماس على القبول بعودة دحلان ورجاله إلى غزة، فإن اقتصاد القطاع سيتعزز بشكل كبير. السكان - على المدى البعيد على الأقل - سيحصلون على الكهرباء يوميًا، طوال اليوم.

 

ثانيًا: حماس ستبتعد عن قطر وستقترب من الخط السني «المعتدل»، وهذه الخطوة تحديدًا تريدها الامارات العربية المتحدة، ومصر هي من تُشجع حماس على قبول الخطوة. محطة الطاقة في رفح المصرية مفترض أن تمولها الامارات العربية، مصر هي من ستسيطر على محطة الكهرباء؛ وبذلك فإن حماس تحت جناح مصر، الامارات العربية والسعودية ستكون أكثر انضباطًا وإذعانًا.

 

ثالثًا: حماس ستضمن حكمها في قطاع غزة خلال السنوات القادمة. أي أنه وحسب الخطة التي قدمها دحلان لقيادة حماس، مفترض أن تواصل حماس كونها المسؤولة عن الأمن الداخلي لغزة، لن يُطلب منها نزع السلاح، لكن فقط سيُطلب منها الاهتمام بالشؤون الداخلية. في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وخطر التصعيد أمام اسرائيل أو بدء «ربيع غزيّ»؛ فمن المحتمل أن حماس ستوافق على ذلك قلقًا من مستقبل حكمها في القطاع.

 

رابعًا: دحلان بالطبع هو المفترض أن يعود لوسط الساحة الفلسطينية السياسية الغزية، كمنقذ كبير لقطاع غزة. دحلان ورجاله سيكونون مسؤولين عن كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية لقطاع غزة أمام مصر، وكذلك العلاقات مع المجتمع الدولي.

 

ومع ذلك، معنى اقتراح دحلان أنه سيُطلب من حماس دفع ثمن معين، لكنه غير مكلف بالنسبة لها. فتح معبر رفح سيكون مشروطًا بتشكيل جهة جديدة، مستقلة على ما يبدو، ستكون مسؤولة عن إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني. خلافًا للرأي الشائع حاليًا، المصريون غير معنيين بغياب أبي مازن عن هذه التسوية.

 

حسب مصادر فلسطينية، فاللقاءات التي أجريت في الأسابيع الماضية بين ممثلي دحلان وحماس كان هدفها خلق ضغط على أبي مازن تحديدًا للتصالح مع دحلان. المصريون يخططون لتحقيق مصالحة بين الطرفين، وبذلك سيكون ممكنًا تمهيد الطريق لدحلان، الابن المفضل لرئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، بالعودة لقلب النشاط السياسي الفلسطيني.

 

المصريون يريدون دحلان وريثًا لأبي مازن، ومستعدون لفعل الكثير من أجل تحقيق ذلك. ما سبب رغبتهم بدحلان؟ السبب غير واضح، قد يكون هذا مجرد تفضيل شخصي من قبل فوزي والسيسي، اللذين يريان بـ «أبي فادي» الشخص الوحيد الذي يستطيع إضعاف حماس داخل قطاع غزة.

 

في هذه المرحلة، يحظى اقتراح دحلان بدعم قيادة حماس في قطاع غزة فقط، هناك معارضون كُثر له في قيادة التنظيم بالخارج والضفة الغربية. قلق كثيرٍ من مسؤولي حماس نابع من أن دحلان قد يفعل مع حماس ما فعله السيسي كرئيس لهيئة الأركان مع الرئيس محمد مرسي، رجل الاخوان المسلمين صيف الـ 2013، حيث أنه قد يخطط للانقلاب ويطرد حماس من غزة.

 

وعلى ما يبدو فإن حماس ستواصل ترددها في الأشهر المقبلة حول الموافقة على الصفقة المصرية الدحلانية الاماراتية أو رفضها. وربما، ربما فقط، في تلك الأشهر سيخضع أبو مازن للضغوطات المستمرة التي تمارسها عليه المخابرات المصرية ويتصالح مع دحلان.

 

 (عن موقع "واللا" - آفي يسسخروف)

التعليقات : 0

إضافة تعليق