غزة / محمد أبو هويدي:
أكد محللان سياسيان، أن عودة السلطة الفلسطينية إلى المفاوضات مع كيان الاحتلال "الإسرائيلي" كان متوقعًا، كونها (السلطة) اتخذت منها خيارًا استراتيجيًا ووحيدا للتعامل مع الكيان للمحافظة على وجودها وكيانها الذي بات مرتبطًا باستمرار التفاوض والتنسيق الأمني المرفوض فصائليًا وشعبيًا، لما يلحقه من ضرر بالغ بالقضية الفلسطينية.
وقال المحللان في أحاديث منفصلة لـ "الاستقلال": " إن الإعلان الذي حصل بعودة واستئناف المفاوضات مع كيان الاحتلال يشكل ضربة قاسمة لجهود المصالحة الفلسطينية"، مؤكدين أن عودة السلطة لاستئناف العلاقات الطبيعية مع الاحتلال، قوبل برفض شعبي وفصائلي كبيرين، باعتباره استسلاما من السلطة لإملاءات واشتراطات الاحتلال.
وأعلن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ في تغريدة على "تويتر" له مساء الثلاثاء، عودة علاقات السلطة الفلسطينية مع "إسرائيل" إلى سابق عهدها.
وقال الشيخ: "على ضوء الاتصالات التي قام بها سيادة الرئيس بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام "إسرائيل" بذلك، عليه سيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان".
وفور ذلك الإعلان، سارعت القوى والفصائل الفلسطينية للتنديد بهذا القرار المفاجئ، في الوقت الذي كان الشارع الفلسطيني ينتظر الإعلان عن طي صفحة الانقسام في ضوء اللقاءات التي كانت تجري في حينه القاهرة بين وفدي حركتي "حماس" و"فتح".
وأكدت الفصائل الفلسطينية في بياناتها، أن قرار عودة مسار العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي يمثل انقلاباً على كل مساعي الشراكة الوطنية وتحالفها مع الاحتلال بدلاً من التحالف الوطني، وهو خروج على مقررات الإجماع الوطني ومخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل وتعطيل لجهود تحقيق المصالحة الداخلية.
خيار السلطة الوحيد
الكاتب والمحلل السياسي د. فايز أبو شمالة، أكد أن كل من يراهن على السلطة الفلسطينية بأنها ستوقف التنسيق الأمني وأنها معنية بالمصالحة، فهو واهم، فمنذ قيام السلطة كان عملها الأساس مبني على التنسيق والتعاون الأمني، ولذلك ما تم مؤخرا لا يخالف الواقع المتعارف عليه.
وأوضح أبو شمالة في حديث لـ "الاستقلال"، أن السلطة حاولت منذ آيار الماضي الضغط على الدول المانحة سواء الأوروبية أو العربية، من خلال التلويح بورقة المصالحة مع "حماس"، ووقف التنسيق الأمني، لكن تبين أن كل ذلك كان مناورة من قِبلها ومن قِبل الرئيس محمود عباس، الذي كان ينتظر موعد الانتخابات الأمريكية وما ستفرزه.
وأكد أن العودة إلى المفاوضات كان ولا زال الخيار الوحيد للسلطة الفلسطينية، رغم أن ذلك (الخيار) لا ينسجم مع خيار المصالحة، وبالتالي فإن كل التوقعات كانت تؤشر إلى عودة السلطة إلى نهجها التفاوضي مع الاحتلال.
وأضاف أبو شمالة، أن عباس سبق وأن أعلن أكثر من مرة أنه قرر تعليق التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال ووقف العمل به؛ لكن وبعد أيام عادت المياه إلى مجاريها، وعادت كل الاتفاقيات كما كانت، مؤكداً أن من ظن أن التنسيق الأمني توقفت للحظة فهو واهم.
وتساءل الكاتب والمحلل السياسي عن دور الشعب الفلسطيني وكل مكوناته مما أسماه "العبث الحاصل"؟، فأرضنا تُسرق وتُنتهك مقدساتنا ونحن نقف متفرجين، فالأجدر بنا أن تكون لنا قيادة فلسطينية تتناسب وتضحيات وعطاء شعبنا الفلسطيني تجاه القضية الوطنية الفلسطينية.
وأضاف أبو شمالة، "نحن الآن أمام حقيقة أن السلطة وقعت على اتفاقيات تلزمها بالتنسيق الأمني، المال مقابل التنسيق الأمني، لذلك على الشعب الفلسطيني أن يبحث عن خيارات أخرى بديلاً لهذا الواقع "المخزي".
الرهان الخاسر
من جانبه تساءل الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، عن إذا ما كانت السلطة الفلسطينية قطعت فعلاً علاقاتها مع الاحتلال، وأوقفت التنسيق الأمني خلال الفترة الماضية؟ مجيبًا، "بالتأكيد لا"، والدليل أنها عادت لهذا الخيار وكأنه لم يكن هناك أي قطع للعلاقات مع الإسرائيليين فالسلطة غارقة في التنسيق الأمني والعلاقات مع الاحتلال من "رأسها حتى أخمص قدميها". وفق تعبيره.
وقال الصواف لـ "الاستقلال": "إن الإعلان الذي حصل بعودة واستئناف المفاوضات مع الكيان "الإسرائيلي" يشكل ضربة قاسمة لجهود المصالحة الفلسطينية.
وأكد أن عودة السلطة لخيار المفاوضات لاقى رفضًا شعبيًا وفصائليًا كبيرًا، مشدداً على أن رجوعها لهذا المسار الخاسر، والتزامها باتفاق "أوسلو" والتنسيق الأمني، يعتبر عودة خائبة ودليل على أن حركة فتح والسلطة الفلسطينية لا ترغبان بالمصالحة، معتقدين أن المفاوضات والتواصل مع الجانب الصهيوني يعود بالفائدة على القضية الفلسطينية، وهو ما تنفيه كل الوقائع على الأرض.
وأضاف المحلل السياسي، أن ما جرى في مصر من إظهار أن هناك اتفاق على إنجاز المصالحة، ومن ثمّ الخروج دون إعلان عن اتفاق، يعتبر "مناورة" غرضها تحميل الطرف الآخر (حماس) إفشال تلك الجهود.
ولفت الصواف، إلى أن الرهان على الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة الديمقراطي جو بايدن، سيعدل المسار ويعطي السلطة حقها من خلال العودة للمفاوضات واكتساب نقاط جديدة، يعتبر رهانًا خاسرًا، موضحًا أن "أوباما الذي كان بايدن نائبًا له لم يحرك ساكنًا ولم يزل مستوطنة ولم يمنع التمويل للاستيطان في عهده.
وتساءل "إذن كيف يمكن لبايدن أن يقدم لها ما ترغب به السلطة، فأقصى شيء يمكن أن يقدمه الرئيس الأمريكي الجديد للسلطة هو إعادة فتح مكتب منظمة التحرير في أمريكا، وعودة الدعم الأمريكي للوكالة (أونروا) وإعادة الدعم العربي للسلطة.
التعليقات : 0