بقلم/ رئيس التحرير
في الوقت الذي يستعد فيه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لزيارته المرتقبة للولايات المتحدة الأمريكية واجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب, أقدمت اللجنة التنفيذية لليونسكو على تقديم تنازل مجاني جديد لصالح الكيان الصهيوني, تم إقراره مؤخرا باتفاق مع الرسميين الفلسطينيين والدول العربية, في موضوع القدس حيث تم إسقاط كل ذكر أو تناول للمسجد الأقصى أو الحرم الشريف من صيغة القرار حول القدس كان فيه تجاهل لصلة اليهود بالحرم، وتشكيك بصلة اليهود بحائط البراق، والأجزاء التي أزيلت من القرار هي تلك التي أغضبت إسرائيل وجعلتها تجمّد التعاون مع اليونسكو، كما أضيفت لصيغة القرار جملة تقول بأن القدس هامة للأديان الثلاثة: اليهودية، المسيحية والإسلام.
لا ندري إلى أي حد يمكن ان تقدم قرابين لدونالد ترامب, كي يرضى عن العرب والسلطة الفلسطينية, وكل هذه القرابين تأتي على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة, والغريب ان كل هذا لا يرضي «إسرائيل», ولا يقنعها بالسلام مع الفلسطينيين, حتى في ظل حديث الأردن بالأمس والتي أعلن وزير خارجيتها أيمن الصفدي، أن الدول العربية ستكون مستعدة لتقديم ضمانات أمنية إلى «إسرائيل»، إذا قررت «تل أبيب» الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام الـ67. ولا ادري ما هى الضمانات الأمنية التي يتحدث عن الصفدي, وهل تعني التعاون الأمني المشترك, إذا كان يعني ذلك فهذا قائم بالفعل, أما إذا كان يعني شيئا آخر فهذا تطور خطير جدا في العلاقة بين «إسرائيل» والدول العربية, ويبدو ان هذا امتداد لما تم طرحه في المبادرة العربية من إغراءات لصالح «إسرائيل» كي تقبل بالمبادرة العربية, وتعمل على تطبيقها.
الانكفاء الرسمي العربي في حضن أميركا, واستفراد الاحتلال الصهيوني بالأسري المضربين عن الطعام منذ أسبوعين, والحصار المشدد والأزمات المتلاحقة التي يتم تصديرها إلى قطاع غزة, وعمليات الاستهداف والقتل اليومية للفلسطينيين على الحواجز العسكرية في الضفة الغربية, وتسارع وتيرة الاستيطان بشكل خطير, كل هذا لم ينظر إليه العرب والسلطة الفلسطينية, ولم يؤخذ بعين الاعتبار, وبقيت «إسرائيل» تمارس سياستها بوقاحة وغرور وحرية كاملة, دون ان يجرؤ احد على محاسبتها, أو حتى مجرد معاتبها على ما ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين, بل ان إجراءاتها تقابل بتنازلات رسمية فلسطينية وعربية لصالحها, وطالما ان هناك تنازلات وتراجعاً رسمياً عربياً فلسطينياً, فلن تتوقف سياسة الاحتلال في استنزاف العرب والفلسطينيين, دون ان تقدم شيئا لصالحهم, وستبقى تعتمد على المماطلة والتسويف إلى ما لا نهاية.
«إسرائيل» تحاول استغلال الحالة التي تشهدها المنطقة لصالحها, وهى تجيد اللعب في هذه الدائرة واستغلال التوترات, وتسعى دائما لاقتناص الفرص, وقلب الطاولة على الجميع, وقد منحها ترامب القوة اللازمة لتنفيذ سياساتها تجاه السلطة, فسياسة الاستفراد بالفلسطينيين لن تتوقف على الإطلاق, ومسلسل التنازلات الرسمي الفلسطيني والعربي سينحدر بشكل اكبر خلال المرحلة القادمة, وفي المقابل سيجني الرسميون العرب والسلطة مزيدا من الفشل.
التعليقات : 0