رأي الاستقلال العدد (1988)
ما نقلته قناة 20 العبرية قبل ايام قليلة عن مصدر رفيع في فتح، بان زيارة كل من رئيس المخابرات المصرية الوزير عباس كامل، ورئيس المخابرات الأردنية، أحمد حسني، إلى رام الله ، هدفت لحث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لتوحيد صفوف فتح الداخلية، لضمان تحقيقها فوزاً في الانتخابات الفلسطينية المرتقبة, وانهم حملوا تحذيرات من أن "إسرائيل" لن تتعاون مع حكومة فلسطينية تكون حماس شريكة فيها, ورفض اي محاولة للتوافق على قائمة مشتركة بين فتح وحماس في الانتخابات القادمة, وان هذا سيؤدي حتما الى فشل مسار التسوية وامكانية عقد مؤتمر دولي للسلام, واضرار بعلاقة السلطة مع الادارة الامريكية الجديدة, وامكانية اعادة فتح مكتبها بواشنطن, والعودة للحديث عن حل الدولتين ومواصلة الدعم المالي لها, كل هذه التحذيرات التي تطلقها "اسرائيل" تدلل على دورها التدميري في منع أي توافق فلسطيني داخلي واستمرار تصدير الازمات للفلسطينيين وابقائهم منشغلين بأوضاعهم الداخلية بعيدا عن ما تحيكه "اسرائيل" من مخططات ومؤامرات تتعلق "بصفقة القرن" ومخطط الضم الاستعماري وما يحدث في القدس والاقصى.
وسوآء صحت هذه التسريبات او لم تصح فان هذا يدل على ان "اسرائيل" لا تترك شيئا للاحتمالات, وانها تحاول دائما ان تتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني لان اشد ما يقلقها هو ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, والتوافق على برنامج وطني شامل, وتعدد خيارات المواجهة مع الاحتلال, ورفع العقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة, وهى بالتالي تحذر رئيس السلطة الفلسطينية من اجراء هذه الانتخابات لأنها لن تقبل بحماس ولن تتعامل معها باي شكل كان, وان هذا ما يشعر مصر والأردن بالقلق ويخشيان أن تحقق حركة "حماس" انتصاراً في الانتخابات القادمة، ويكون ذلك على حساب "مسار التسوية" الذي تعمل مصر والاردن على انتهاجه وانجاحه مع "اسرائيل" للوصول الى حلول سلمية من شأنها ايجاد حلول ولو جزئية للقضية الفلسطينية وبالتالي طالب كامل وحسني، من رئيس السلطة محمود عباس توحيد صفوف حركة "فتح" ومنع خوض قائمتين منفصلتين، الامر الذي قد يساهم في تحقيق "حماس" مكاسب انتخابية كبيرة حسب ما نقلت قناة 20 العبرية, وهو ما يعني انهما يدفعان باتجاه مصالحة بين رئيس السلطة محمود عباس ومحمد دحلان .
القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان طالب بإدراج أنصاره في قائمة "فتح"، وإلا فإن أنصاره سيخوضون الانتخابات في قائمة مستقلة، وهو ما لا ترغب به مصر والأردن, لان هذا قد يضعف فرص فتح بحسم الانتخابات لصالحها, وبالتالي لا زالت الجهود مستمرة ومتواصلة عربيا لتوحيد فتح وتقوية جبهتها الداخلية, وربما يتغير موقف رئيس السلطة في التعامل مع دحلان, وربما تؤجل دعوة الفصائل الفلسطينية لاجتماع في القاهرة لأخذ فرصة اكبر في محاولة تقريب وجهات النظر بين عباس ودحلان, والنقاشات الداخلية لاجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح تناولت تقييما لشعبية القيادي محمد دحلان ومدى تغلغله في الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة, وعلاقاته بالأنظمة العربية وتحديدا الخليجية, وقدرته على الاستئثار بدعمهم المالي والسياسي, ودفعهم له باتجاه تولي رئاسة السلطة على حساب الرئيس عباس, ويبدو ان البعض فسر ظهور تسريب حول قيام رؤساء الاستخبارات المصرية والأردنية بتحذير رئيس السلطة محمود عباس من إمكانية فوز حماس في الإنتخابات القادمة فيه اغراء ايضا لحركة حماس لخوض هذه الانتخابات التي ستضمن لها فوزا مريحا على حركة فتح بانقسام اصوات الفتحاويين بين تيار عباس المتنفذ, وتيار دحلان الداعم ماليا.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يسعى لكسب تأييد الرئيس الأميركي جو بايدن، عبر إجراء الانتخابات، واستكمال شرعيته المنقوصة عليه, والعمل على اعادة اطلاق عملية سياسية قائمة على قرارات "الشرعية الدولية" تقوم على اساس حل الدولتين الذي وعد به الرئيس بايدن، وقد أعربت اللجنة المركزية لحركة فتح عن ترحيبها بتهنئة عباس لبايدن لمناسبة توليه مهام منصبه، معربة عن أملها بأن تقود هذه الخطوة إلى إعادة العلاقات الفلسطينية الأميركية إلى سابق عهدها، ، وهذا يعنى البدء بجولة جديدة من جولات "السلام", وان جهود السلطة ستركز على هذا الامر خلال المرحلة القادمة, ومن يريد انفاذ الانتخابات عليه ان يؤمن بمسار التسوية كخيار استراتيجي ستسلكه السلطة ولن تتخلى عنه, لذلك ستبقى حالة التشكك قائمة في امكانية انفاذ هذه الانتخابات والتوافق عليها طالما بقيت العجلة تدور في دائرة التسوية فقط.
التعليقات : 0