رأي الاستقلال العدد (1993)

لا لسياسة المقايضة

لا لسياسة المقايضة
رأي الاستقلال

 رأي الاستقلال العدد (1993)

لا اريد ان افترض سوء النية واربط قرار تحسين رواتب الموظفين في قطاع غزة وحل ازماتهم المتفاقمة والتي لطالما ناضلوا من اجلها, بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني ان تمت, وهو نوع من الدعاية الانتخابية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح, والتي يترأس لجنتها المركزية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, لكن من حقنا ان نتساءل هل قرار تحسين رواتب الموظفين وحل مشكلاتهم مرتبط بإجراء الانتخابات, وهل اذا فشل حوار القاهرة المزمع عقده بين الفصائل الفلسطينية - لا سمح الله- , ستعود السلطة عن قرارها بحل مشكلات غزة, وتحديدا الموظفين, وهل ستتوقف عبارات الغزل التي بدأ يرددها البعض للغزيين بغرض ضمان كسب اصواتهم في الانتخابات القادمة, لا زلت اشعر اننا نعيش حالة من المقايضة بين ما يأمل به الغزيون من السلطة الفلسطينية برفع العقوبات عن قطاع غزة, وبين ربط ذلك بضمان اصوات الغزيين لدعم قوائم بعينها, واشد انواع القمع القميء الذي يمكن ان يلجأ اليه البعض ان تهددهم في لقمة عيشها وتتلاعب بمصائرهم لانتزاع موقف منهم بقوة الضغط, ونحن لا نريد ان نفترض ذلك, ونرغب في منح الفرصة للمتحاورين الفلسطينيين في القاهرة كي يصلوا الى نقطة تلاقي يمكن البناء عليها لانتخابات حرة ونزيهة بعيدا عن الضغوطات والتهديدات في لقمة العيش والتمييز حسب الانتماء السياسي.

 

قطاع غزة يعيش ازمات كبيرة, ويفتقد سكانه لأبسط مقومات الحياة, وهو محاصر من كل الاتجاهات بعد ان حوله الاحتلال الصهيوني الى سجن كبير, ومعاناة سكان القطاع لا تتوقف عند سياسة الاحتلال العقابية الاجرامية تجاه سكانه, انما تمتد عبر اغلاق المعابر وتحديدا معبر رفح البوابة الوحيدة لسكان قطاع غزة على العالم الخارجي, وهو مغلق بشكل شبه دائم على سكان القطاع, وكذلك العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة بعد احداث الانقسام والتي وصلت الى ذروتها بمنع موظفي السلطة من التوجه لعملهم, وفصل موظفين من عملهم وقطع رواتبهم بسبب الانتماء السياسي, ومنع تزويد الوزارات بالميزانيات التشغيلية التي تضمن تقديم الخدمات للناس بشكل طبيعي, وتصنيف الشهداء والاسرى وقطع رواتبهم بحسب انتمائهم السياسي,  وامتدت معاناة سكان القطاع لتشمل منع قوافل المساعدات العربية والاسلامية والدولية التي كانت تصل للقطاع, وقام الاحتلال بمنع ادخال الاموال عن طريق البنوك او أي طرق اخرى لقطاع غزة, ووجه تهديدات للبنوك العاملة في القطاع, وحتى مكاتب الصرافة تم استهدافها بالقصف, وصادر الاحتلال اموال لها, وفعل نفس الامر مع التجار الذين اتهمهم بايصال اموال لفصائل المقاومة الفلسطينية وقام باحتجاز بضائعهم وتجميد اموالهم وتقديم بعضهم للمحاكمة بحجة دعم ما اسماه بالمنظمات "الارهابية".

 

معاناة قطاع غزة اكبر بكثير من ان يتم ربطها بالانتخابات, والمقايضة عليها بضمان جلب الاصوات لصالح اشخاص او احزاب بعينها, ان اولى اولويات الفعل الوطني والانتماء الحقيقي تتطلب ان تتضافر الجهود لانهاء معاناة الغزيين, فقطاع غزة ليس جزءا منفصلا عن الوطن, لا سياسيا ولا جغرافيا, والسلطة الفلسطينية مسؤولة بشكل مباشر عن حل ازماته الاقتصادية, خاصة انها تقتطع الضرائب من سكان القطاع, وهذه الضرائب يجب ان تكون مسخرة لخدمة سكان القطاع وحل الازمات المعيشية, فالخلافات السياسية حاضرة في كل دول العالم, والدول المستقرة سياسيا واقتصاديا, هى تلك الدول الحرة والديمقراطية التي تحترم الرأي والرأي الاخر, ولا تستخدم القمع والسجن والعقاب الجماعي والتهديد في لقمة العيش لفرض موقفها السياسي, ونحن كفلسطينيين تجمعنا مواقف كثيرة جدا, اكبر بكثير من تلك المواقف التي تفرقنا, فوحدتنا يجب ان تتجسد من خلال التعدد في المواقف السياسية, طالما انها مواقف تتوافق مع ثوابتنا الوطنية وتؤدي نتائجها الى حريتنا واستقلالنا, ووحدتنا تتجسد من خلال بندقينا المشرعة في وجه الاحتلال الصهيوني, ووحدتنا تتجسد ايضا من وحدة الدم الفلسطيني بحثا عن الحرية والاستقلال, هذا الدم الذي ينزف برصاص الاحتلال كل يوم دون النظر الى انتماء الاشخاص او احزابهم, انما تقتل لأنك فلسطيني صامد فوق ارضك تبحث عن حريتك واستقلالك.      

       

التعليقات : 0

إضافة تعليق