رأي الاستقلال العدد (1995)

اصوات خافتة واخرى صاخبة

اصوات خافتة واخرى صاخبة
رأي الاستقلال

رأي الاستقلال العدد (1995)

في الوقت الذي يسود فيه موضوع الانتخابات الساحة الفلسطينية وتتباري السلطة وبعض الفصائل على تحقيق انجاز في هذه الانتخابات المزمع اجراؤها بعد صدور مرسوم رئاسي يتجاوز القانون من رئيس السلطة محمود عباس, وفي الوقت الذي تنبري فيه الاقلام للترويج للحزب والفصيل والمستقل بعبارات منمقة واساليب ثورية ووطنية, كان مخيم جنين يطرق الخزان ويوقظ النيام ويعيد البوصلة الى وجهتها الصحيحة, وكانت نابلس والخليل تكسران صمت الليل البارد بطرقات الجنود الصهاينة وتحطيمهم لأبواب المنازل بأعقاب البنادق لاعتقال عشرات الفلسطينيين والزج بهم في سجون الاحتلال, بينما كانت غزة تلاحق طائرات الاحتلال المسيرة برصاصها الهادر, واستطاعت المقاومة اسقاط طائرة مسيرة لتكون الطائرة الثالثة التي تسقط للاحتلال الصهيوني خلال اسبوع, بعد ان اعترف الاحتلال بسقوط طائرتي استطلاع على الجبهة الشمالية قبل عدة ايام.

 

ففي مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة اندلعت فجر امس الثلاثاء اشتباكاتٍ مسلحةً بين العديد من المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني التي اقتحمت المخيم حيث منع المقاومين الفلسطينيين الجنود الصهاينة من اقتحام المخيم وارغموهم .على التراجع تحت وقع إطلاق الرصاص وضراوة الاشتباكات المسلحة. كما شارك العشرات من شبان المخيم في الاشتباكات مع جنود الاحتلال وقاموا برشقهم بالحجارة والزجاجات الحارقة والفارغة, ليبقى مخيم جنين رمزا للصمود والمقاومة ومصدر قلق وتوتر للاحتلال الذي يقف عاجزا امام قدراته في القضاء على المقاومة في جنين ومخيمها وقد حاول مرارا وتكرارا, وتعددت جرائمه وعدوانه على المخيم  وقام بهدمه فوق رؤوس ساكنيه لكنه لم يستطع القضاء على المقاومة وشكل مخيم جنين مصدر الهام وصمود لشعبنا الفلسطيني، وخرج العديد من القادة والمجاهدين الاطهار.

 

وفي قطاع غزة الذي بات الاحتلال الصهيوني يطلق عليه اسم الجبهة الجنوبية، واصلت المقاومة الفلسطينية مفاجآتها ونجحت في اسقاط حوامة تابعة للجيش الصهيوني كانت تحوم في سماء قطاع غزة, واعترفت "اسرائيل" بسقوط طائرة مسيرة تابعة للجيش الصهيوني داخل القطاع، مبيناً أن هذه المرة الثالثة التي تسقط فيها طائرة مسيرة هذا الأسبوع في غزة ولبنان, وفي هذا دليل واضح على تطور قدرات المقاومة على مستوى تطوير القدرات القتالية, وعلى مستوى تطوير الوسائل القتالية, وهو ما يربك الاحتلال ويدفعه لتشديد الخناق والحصار على قطاع غزة, ورغم ذلك بقيت المقاومة حاضرة وغزة مليئة بالثغور والكمائن لاصطياد الاحتلال واحباط مخططاته ومؤامراته التي يحيكها ليل نهار للقضاء على المقاومة في قطاع غزة, لكن غزة يدها على الزناد ولا تشغلها انتخابات ومباحثات عن شغلها الشاغل وهو دحر الاحتلال عن ارضنا ومقدساتنا.

 

أما القدس فلم تتوقف فيها عمليات الطعن والدهس التي ينفذها شبان فلسطينيون ضد جنود الاحتلال الصهيوني داخل المدينة المقدسة او على الحواجز العسكرية التي تحيط بها, فقبل يومين فقط استشهد شاب فلسطيني برصاص جنود الاحتلال قرب تجمع “غوش عتصيون” الاستيطاني جنوبي بيت لحم، بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن. وقال جيش الاحتلال ان “هجوما بسكين وقع عند مفرق غوش عتصيون وانه قام بتصفية المنفذ وقتله, ولا تكاد تتوقف العمليات الفدائية ضد الاحتلال في القدس, ويستخدم الفلسطينيون ابسط الوسائل القتالية في عملياتهم ضد جنود الاحتلال, لكنهم يمثلون رعبا حقيقيا للاحتلال وجنوده, فرغم كل محاولات القمع والقتل والتهجير وهدم البيوت والابعاد القسري عن المدينة المقدسة, لكن كل ذلك لم يمنع الفلسطينيين من مجابهة الاحتلال والتصدي له واحباط اهدافه ومخططاته في القدس والمسجد الاقصى المبارك.

 

وتبقى ثقافة المقاومة حاضرة دائما في الاذهان والعقول والجدان, لا يتخلى عنها شعبنا الفلسطيني ابدا,  فهي رصيده الذي سيؤدي حتما في النهاية الى الخلاص من الاحتلال, نيل حريته واستقلاله, ومهما انشغل المنشغلون عن القضية الفلسطينية وتباروا في ميادين اخرى خافتة, سيبقى ميدان القتال ضد الاحتلال دائما صوته صاخبا وهو ميدان الشرف الذي يسلكه الابطال الشرفاء للوصول الى الاهداف من اقصر الطرق.

التعليقات : 0

إضافة تعليق