رأي الاستقلال العدد (2008)
اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس جاءت في عنوانها العريض المعلن لمناقشة مخرجات حوار القاهرة, والتوافق على اجراء الانتخابات, لكن ما شهده اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح تركز بشكل اساسي على ضرورة توحيد قائمة فتح المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة, خاصة ان فتح شهدت انقسامات في الترشح, فهناك التيار المتنفذ الذي يتزعمه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والذي يستند الى مسيرة السلام كمرجعية اساسية, وهناك تيار اخر يتزعمه الاسير مروان البرغوثي القابع في سجون الاحتلال الصهيوني, وهو التيار الاصولي داخل حركة فتح والذي يستند في مواقفه السياسية الى ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية ويحافظ على اصالة حركة فتح وتاريخها النضالي المجيد, وهناك التيار الاصلاحي داخل حركة فتح والذي يتزعمه القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان, وهو التيار الذي يحاول ان يصحح من مسار فتح ويطرح اصلاحات في سلوكها السياسي والداخلي, وهناك تيار جديد يمثل ثقلا داخل حركة فتح يقف على رأسه ثلاثة من قيادات الحركة وهم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح السيد ناصر القدوة الذي قاطع الاجتماع الاخير للجنة المركزية للحركة, ووزير الاعلام الاسبق السيد نبيل عمرو, وعضو المجلس التشريعي عن حركة فتح السيد حسام خضر, والذين يواجهون سياسة الاستفراد في القرار الفتحاوي ومحاولة تخليصه من يد الرئيس محمود عباس ومجموعة من المتنفذين داخل السلطة .
لا شك ان فتح تقف فوق صفيح ساخن, وتحاول مسابقة الوقت للوصول الى توحيد قائمتها الانتخابية, لأنها تدرك ان تشتت اصوات انصارها من شأنه ان يضعف من فرص نجاحها في حسم اية انتخابات, وان المنافسة بينها وبين حركة حماس محتدمة, فقوة حماس الجماهيرية تضع فتح امام خيار واحد وهو التوحد والدخول في قائمة فتحاوية واحدة تصب في صندوق واحد, لكن هذا الامر ليس سهلا وقد بدأت فصوله تتضح من خلال اللقاء الذي جمع وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ بالأسير في سجون الاحتلال القائد الفتحاوي الكبير مراون البرغوثي, الذي يصر على خوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة مباشرة مع رئيس السلطة محمود عباس واي مرشح من حماس, كما ان التيار الاصلاحي بزعامة دحلان لديه قوائم جاهزة للترشح, وان لم تفسح فتح عباس اماكن لقيادات التيار الاصلاحي في قوائمها فالنية تتجه لدخول التيار الاصلاحي بقوائمه الخاصة, اما القدوة وعمرو وخضر فهم لا يحبذون دخول فتح في قائمة مشتركة مع حماس وقد هددوا بانهم قد يشكلون قائمة وطنية جديدة لهم لمواجهة قائمة عباس, واحتمال "القائمة المشتركة" لا زال قائما بحكم ان فتح تدرك ان تشتت اصوات فتح يضعف فرص فوزها بالانتخابات, والحل المناسب للتغلب على ذلك لن يكون الا بقوائم توافقية مشتركة مع حركة حماس, لكن هذا الامر لا يتعلق بتيار عباس داخل حركة فتح فقط , انما مرهون ايضا بموافقة حركة حماس على ذلك, والتي لديها شروط على الدخول بقائمة مشتركة مع فتح من الصعب قبولها.
الامور داخل حركة فتح لا زالت معقدة, والجهود متواصلة بصعوبة بالغة للتغلب على العقبات, دون ان يتم احراز أي تقدم في هذا الامر حتى الان, وهذا يجعل كل الخيارات مفتوحة, حتى خيار نسف الانتخابات من جذورها يبقى قائما, ففتح لن تدخل مغامرة الانتخابات الا وفق معايير وشروط خاصة, تضمن لها الحفاظ على فرص عالية في تحقيق نجاح من وراء هذا الامر, ويبدو ان فتح ستخوض جولة اخرى من الحوار, حيث ينوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب ان يلتقي الاسير القائد مروان البرغوثي لعرض وجهة نظر فتح, ومحاولة اقناعه بعدم الترشح في الانتخابات خاصة الرئاسية, ووفق سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها فتح فقد توعد القياديان في « فتح»، عزام الأحمد وجمال نزال كل من يخرج عن اجماع الحركة انه سيحاسب، لكن الأحمد زاد على ذلك بالقول إن « البرغوثي منقطع عن السياسة وأمضى عمره في السجون، ولا يستطيع تلبية أمنيات شعبنا» الامر الذي اغضب البرغوثي بشده ودفعه للإصرار على خوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة عباس, فوفق ما صرح به عضو المجلس التشريعي عن « فتح»، حاتم عبد القادر، نقلا عن البرغوثي عبر محاميه، انه سيُرشّح الرجل نفسه للرئاسة، وتبقى حالة الاستقطاب التي تعيشها حركة فتح تصب في مصلحة حركة حماس في الانتخابات القادمة, والوقت لان يسعف فتح التي تعيش فوق صفيح ساخن في التغلب على مشاكلها بسهولة لأنها مشاكل كبيرة ومتعددة فشلت في حلها الكثير من الوساطات الداخلية والخارجية.
التعليقات : 0