رأي الاستقلال العدد (2010)
توزيع لقاحات فيروس كورونا في الضفة الغربية دخل دائرة التشكيك لدى الكثير من المواطنين الذين فوجئوا بان اللقاح يوزع الى افراد من غير المدرجين على قائمة المستفيدين من تلقي اللقاح, فقد أثارت طريقة توزيع اللقاحات غضباً واسعاً في الشارع الفلسطيني، من جرّاء تطعيم مجموعة صحافيين ورجال عشائر من الحصّة المخصّصة للكوادر الطبّية, مصادر اعلامية تحدثت عن تلقي 70 شخصية للقاح «سبوتنيك» بغير وجه حق, فهذه الحصة مخصصة لطواقم الصحة وليس للأفراد, والتلقيح الرسمي الشامل لم يبدأ بعد, ويبدو ان السلطة قد ادخلت نفسها في دائرة التشكيك, وبات المواطن يسأل عن الية التوزيع, ولماذا تذهب اللقاحات لجهات غير مدرجة على قائمة التلقيح, كما كشفت مصادر أن وزيراً تلقّى اللقاح مع أفراد عائلته الذين يعيشون في منطقة تتبع لضواحي القدس ومركز تابع للاحتلال، ولم تنته الامور عن هذا الحد فقناة «كان» العبرية كشفت أن السلطة الفلسطينية نقلت سرّاً مائتَي جرعة من «سبوتنيك في» إلى الأردن، وجرى تسليم هذه الكمّية لجهاز المخابرات هناك، وهذا يندرج تحت دائرة التكتيك, حيث تحاول السلطة التقرب اكثر الى الجهات الامنية الاردنية وتبادل المصالح بينهما ولو كان ذلك على حساب حقوق الفلسطينيين التي توضع دائما على طاولة قمار السلطة, وتخضع لمبدأ الربح والخسارة وفق المصالح الفردية التي تجتاح عقول المتنفذين والوزراء.
لو سلمنا بمبررات السلطة وردود فعلها على عاصفة الانتقادات التي تتعرض لها « بأن ما جرى كان ضمن رؤية واضحة للمديرية التي طعّمت عدداً من رجال الإصلاح ووجهاء العشائر ورجال الدين والإعلاميين، وذلك لـتشجيع الشعب الفلسطيني على أخذ لقاح كورونا ولزيادة ثقة الجمهور بها, فلماذا تم تسريب مئات اللقاحات الى الاردن, هل هذا يدخل ايضا في دائرة تشجيع المواطنين, ان هذا التبرير الهدف منه مواجهة حالة التشكيك التي بات المواطن الفلسطيني متيقنا منها, بأن السلطة تتلاعب في موضوع اللقاحات, وهذا التلاعب يأتي على حساب المواطن البسيط قليل الحيلة, وطبيعي ان حالة عدم الثقة لن تخدم السلطة وتيار فتح المتنفذ داخلها في موضوع الانتخابات القادمة, لأنها تعكس حالة فساد مستشرية في صفوفها, ويدرك الفلسطيني انه هو الضحية, ومن يدفع الثمن وأن كل حقوقه مهدرة, وهو ما يؤدي الى حالة عدم ثقه في المسؤول وبالتالي عدم دعمه في أي انتخابات, وعدم تصديق وعوده الانتخابية, وكان من المفترض بدلا من ان يتم تسريب اللقاحات الى الاردن, ان تستغلها السلطة في تطعيم القطاع الصحي الذي يتعامل مع كل حالات «كورونا» وهو عرضة دائما للإصابة بالعدوى, وما يتبقى من اللقاح من الممكن ان يتم التصرف به وفق الاولويات وليس بالمحسوبية والوساطات, فماذا يعني ان وزيراً واسرته يتلقى اللقاح, ورجال عشائر وصحفيين, ويحرم من ذلك المواطن البسيط.
وزيرة الصحة د. مي الكيلة، قالت إن 12 ألف جرعة (10 آلاف من سبوتنيك في الروسي, وألفين من موديرنا الأميركي) وصلت بصفتها دفعة أولى مخصّصة للقطاع الصحّي الذي يبلغ عدد العاملين فيه داخل الضفة والقطاع نحو مائة ألف، والأولوية هي لتطعيم هؤلاء الكوادر ثمّ كبار السن، مضيفة: «عند وصول الدفعات اللاحقة، ستكون للفلسطينيين كافّة ضمن معايير وخطّة شاملة ومنظّمة», والسؤال اين دور وزيرة الصحة في حماية الكادر الصحي والطبي التابع للوزارة لأجل عدم تسريب اللقاحات, وهل هي على علم بان هذه اللقاحات وزعت في غير وجهتها الصحيحة, وطالما ان هذه اللقاحات مشمولة بتلقى الكادر الطبي في غزة لها, اين دور الوزيرة في فضح ممارسات الاحتلال وتعريته امام العالم, ذاك الاحتلال البغيض الذي يربط قضية ادخال اللقاحات الى قطاع غزة وهى قضية انسانية, بالإفراج عن الجنود الصهاينة المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, ولماذا هذا الصمت على تعنت الاحتلال تجاه غزة, ام ان هذا يرضي توجهات البعض ويدفعهم لغض الطرف عن الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة منذ نحو خمسة عشر عاما, مسلكيات السلطة في موضوع لقاح كورونا غير مطمئنة, والامور تحتاج الى مراجعة حقيقية للفساد الذي حصل في موضوع اللقاحات, ودائما يجب ان تفعل اللجان الرقابية من كافة الوان الطيف الفلسطيني لمراقبة اداء السلطة ومحاولة تصحيح الاوضاع ومحاسبة الفاسدين, فلا تتاجروا بحياة الناس لأنكم ان خسرتموهم فإنكم ستخسرون كل شيء.
التعليقات : 0