رأي الاستقلال العدد (2023)
التحديات التي تعترض عملية الانتخابات الداخلية الفلسطينية كبيرة ومتعددة, وكلما اقترب موعد الانتخابات التشريعية تباينت المواقف داخل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بشكل اكبر, مصادر قيادية فتحاوية، قالت إن القياديَّين، مروان البرغوثي وناصر القدوة، أمهلا اللجنة المركزية لحركة «فتح» والرئيس محمود عباس حتى الخامس من شهر آذار/ مارس الحالي، للأخذ بمقترحاتهما بشأن الانتخابات التشريعية، وإلّا فإنّهما ذاهبان إلى تشكيل قائمتهما الخاصة، والتي تضمّ فئة واسعة من الجيل الشاب في «فتح» والمناضلين الذين تمّ تحييدهم بسبب نضالهم ضدّ الاحتلال والفساد القائم في السلطة الفلسطينية، طيلة فترة حكم الرئيس عباس, والقيادي في حركة فتح نبيل عمرو يسعى حالياً إلى تشكيل قائمة خاصّة به، بعيداً عن قائمة اللجنة المركزية، وذلك بعد رفض الأخيرة وضعه في موقع متقدّم من قائمة الحركة. ورئيس الوزراء السابق سلام فياض، الذي يستعدّ هو الآخر لتشكيل قائمة خاصّة به، سيجري مباحثات مع نبيل عمرو لضمّه إلى قائمته، على أن يكون الرجل الثاني في القائمة, وفي حال استمرار الأمور على هذا المنوال، فقد تدخل حركة «فتح» بأربع قوائم منفصلة ومتنافسة: الأولى تتبع اللجنة المركزية، والثانية تتبع البرغوثي، والثالثة لنبيل عمرو، والرابعة تتبع القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان. ويدفع هذا الواقع الرئيس عباس إلى التفكير في إلغاء الانتخابات أو تأجيلها، تحت عدد من الذرائع، أبرزها الوضع الأمني والحريات في قطاع غزة, وهذا الاحتمال قائم بقوة.
ورغم اعلان القيادي في حركة فتح عزام الأحمد أنّ أربعة فصائل أبلغت «فتح» رسمياً موافقتها على التحالف معها في الانتخابات المقبلة، وهي: حزب «فدا»، «جبهة النضال الشعبي»، «جبهة التحرير العربية» و»الجبهة العربية الفلسطينية»، الا أن هذا التحالف خادع ووهمي ولا يمكن البناء عليه لتحقيق تفوق فتحاوي في الانتخابات التشريعية القادمة فاستطلاع الرأي الذي أجراه مركز الجزيرة للدراسات دلَّ على أن النسبة الأكبر من مؤيدي «فتح» يبدون استعدادًا أكبر للتصويت للقائمة التي قد يشكِّلها القيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، المعتقل في السجون الإسرائيلية، والذي لا يتماثل مع مواقف عباس. وفي حال خاضت قائمة تابعة للقيادي الفتحاوي السابق محمد دحلان الانتخابات البرلمانية، ستحوز على دعم 20% تقريبًا من مؤيدي «فتح»، وهنا تبرز امكانية الغاء أو تأجيل الانتخابات, لأن السلطة وفتح تدرك بأنها ان خاضت الانتخابات التشريعية بأربعة قوائم فان هذا يعني ان اصوات فتح ستتوزع على القوائم الاربعة, وستضعف فرص فوزها بالانتخابات التشريعية, لكن فتح لا زالت تراهن على مسارين يمثلان طوق نجاة بالنسبة لها حسب تقديراتهما, المسار الاول ان تتحالف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وتدخل في قائمة مشتركة لمواجهة حماس, وهذا الامر ليس هينا لان الجبهة الشعبية الفصيل الثاني في المنظمة لها اشتراطاتها الخاصة للدخول في قائمة مشتركة, اما الخيار الثاني فهو الدخول بقائمة مشتركة مع حماس وهذا يمثل ضمانة حقيقية لفتح للفوز بالانتخابات.
دوافع حركة فتح للدخول بقائمة مشتركة لها ايجابيات وسلبيات, ويمكن تقديرها من اللجنة المركزية لحركة فتح والرئيس عباس بمعايير خاصة تضمن بقاءهم في مواقعهم القيادية, لكنها في نفس الوقت ستزيد من حالة التشظي داخل حركة فتح وزيادة الاختلافات بينها, اما دوافع حماس للدخول في قائمة مشتركة مع حركة فتح فهي قائمة ايضا, لكن ليس من اجل كسب الاصوات الانتخابية, لكنها مرتبطة بموقف «اسرائيل» الرافض تماما لقبول حماس وادارتها لأي حكومة فلسطينية خاصة في الضفة الغربية, وعدم تعاطي المجتمع الدولي ودول عربية مع حكومة حماس, كما أن حماس ترغب في التخلص من عبء السلطة وادارة اوضاع الناس, لأن هذا استنفذ الكثير من جهدها ومالها ووضعها في محل تقييم وانتقاد في الشارع الغزي, وقد ادركت حماس ان توليها ادارة القطاع له ثمن كبير, ويستنزف من قدراتها وانه بسبب ادارة شؤون القطاع تعرض قطاع غزة لحصار وعقوبات واغلاق للمعابر والحدود, وهذا ما قد يدفع حماس التي قدمت تنازلات كبيرة لأجل انهاء الانقسام, والدخول في انتخابات جديدة بأن تقبل بقائمة مشتركة مع حركة فتح, وحتى نقف على الحقيقة كاملة فيجب ان ندرك ان هناك تحديات داخلية وخارجية تواجه الانتخابات الفلسطينية, ويجب ان نعترف بأن هناك تدخلات خارجية فجة في موضوع الانتخابات, والرئيس المأزوم محمود عباس يبحث عن تجديد شرعيته, وكسب ثقة المجتمع الدولي من خلال صندوق الاقتراع, لكن هذا الامر يحتاج الى جهد كبير لتوحيد موقف فتح.
التعليقات : 0