ع الوجع

لاريكا

لاريكا
أقلام وآراء

معروف الطيب

لو كان الانتصار محتوماً بجهوزيَّةِ المجاهدين على الجبهات، وعمران المخازن بأصناف المقذوفات، واستمرارية التقدم التقني والتصنيع الحربي فقط. لقلت: نحن بخير ولا مجال للقلق إطلاقاَ.. حتى لو عبثوا في حديقتنا الأمنية طفرةً، وأصابونا بقرح هنا أو هناك، فإنَّ هذهِ الضرباتُ لا تزيدنا إلا صلابةً من باب أنَّ الضربةَ التي لا تميتُني تزيدُني قوةً.. كل هذا وعلاوة عليه الإعلام والحرب النفسية نحن فيه في موقع متقدم لا يحتاج إلى عذل أو مزايدات. ولكن جبهتنا الداخلية تحتاج إلى المزيد من تدقيقِ النظر باهتمام وتفحص؛ لأنَّ العدو يراهنُ فيما يراهن على تفكُّكِ الروابطِ ، وضربِ البنيةِ الأخلاقيَّةِ وتهشيمِ الصلادةِ النفسيَّةِ.. تمهيداَ للتفكيك والاحتواء. ونحن إِنْ أردنا أَنْ نكونَ على مستوى الصراعِ مع الآخر (وهو شرس بالفعل)..علينا أن نسعى لإِحباط ما يسعى إليه؛ بتدعيم كلِّ ما من شأنهِ أَنْ يقوِّي الروابطَ ويثبِّتُ القيمَ النبيلةِ في أعماق خلايانا؛ لتزدادَ المناعةُ عندنا، فطيشُ سهامُ الأعداء دونَ تحقيقَ أهدافِها . وهذا لا يُعتبرُ وجهة نظرٍ بقدرِ ما هو دعوة لحركة نهضوية باتجاه الحفاظ على حيوية شعبنا الأروعِ الحاضنِ للمقاومة. والكارثة الحقيقية تكمن في انكشاف ظهرنا في خضم الأزمات التي تنسينا وتيرتها أن نتطلع بمشاعر الحنان والرفقِ في تجاه شعبنا.. ولا يخفى على أحد أنَّ الكشف المبكر عن الخلل يساهم في العلاج.

 

 كنت قد تحدَّثتُ منذ زمن بعيدٍ حول الأترمال ، بل أزعمُ أنني أولُ من حذَّر من عواقبِ دخولِهِ إلى عالمنا على صفحات الاستقلال.. أما وقد أصبح رفيقاُ للأسرةِ وانتشر كالنار في الهشيم.. وكأنه وباء يستعصي على المضادات بكل أصنافها.

 

أعودُ مرة أخرى وأجده لزاماً عليَّ أَنْ أنبِّهَ من جديدٍ أَنَّ ركض أصحابَ البلاءِ باتجاه بدائلَ تحقِّقُ مستويات (أعلى) من النشوة ، دفع بعض المنتشين لاقتحام صيدليات الصحة النفسية؛ لينافس العصابيين والذهانيين على أدويتهم، وبدأ تداول أسماء أصناف ما أنزل الله بها من سلطان . جلس في العزاء خلفي تماماً شابان لا يتجاوزان العشرين من العمر يهمس أحدهما للأخر: "من المفترض أن يوزعوا في العزاء أريكا" . التقطت الكلمة (أريكا) وبدأت البحث عن حكايتها فوجدتها من الأدوية التي تعطى للمصابين بالصرع، وتقوم بإعادة هيكلة كهربة الدماغ، وأَنَّ أسمها الحقيقي (لاريكا) ولكن الشبان (يدلعونها) حين يسمونها (أريكا) وأَن نسبةً لا بأس بها من مدمني الأترمال تحولوا إليها.. وهذهِ الحبَّةُ تقوم بتغيِّر فيزياء الدماغ فضلاً عن كهربته ، وعلمت أن الحبة الواحدة من (لاريكا) تقتل ألاف الخلايا من الدماغ، وربما لهذا السبب يشعر الشبان بنشوة لدى تعاطيها.

 

الأخطر في الموضوع أنَّ العدو كعادته لا يقف على الحياد.. وكما أستغل جهاز المحمول ليصبح (جاسوساً ملازماً) يتنصت علينا نحمله في جيوبنا على مدار الساعة ..فإنه لا يقف على الحياد بما يخص (مزاجنا) فهو طالما تمنى أَنْ يتحكَّم بأدمغتنا.. وكما أصبحت حبة المخدر (الترامادول) بقدرة قادر توليفة تحمل المخدرات مثل ملح الأفيون وغيره ..فإِنَّ لاريكا أيضاُ دخلت على الخط كوسيلةٍ لإذلالِ الشبابِ وطمرِهمْ في مستنقع العمالة من خلالِ التلاعبِ في تكوينِ العلاجِ من جهةٍ، والتحكُّمِ بانتشارها في السوقِ بين توفُّرٍ وانقطاعِ، وغلاءِ سعرِها وهنا يأتي دور رجالات العدو، ومنعدمي الضمير من الباحثين عن الثراءِ غيرِ المشروعِ في تقديمِ خدماتهم بتوفيرها لضحاياهم مقابلَ خدماتٍ تفيدُ عدوَّهم، وقاتلةٍ لمجتمعهم .

 

القصةُ أذن أكبر من حبات تتلاعبُ في كهربةِ الدماغِ بلْ تحولنا دمى تتدلَّى تحت خيوط يتحكم بها عدونا.. لابدَّ من الانتباه لأبنائنا والضربِ بكلِّ قسوةٍ على يدِ المتلاعبين بشبابنا.. مستقبلنا.. اللهم إنِّي قدْ بلَّغت اللَّهمَ فأشهد!.

التعليقات : 0

إضافة تعليق