رأي الاستقلال العدد (2072)
تصريحات اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدم اجراء الانتخابات التشريعية بدون شرقي القدس, تعني ان الانتخابات لن يتم اجراؤها, وذلك لأن الاحتلال يصر على موقفه بعدم اجراء الانتخابات في القدس بذريعة ان القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني وليست محلا للتفاوض والخلاف مع السلطة, وبذريعة ان الانتخابات ستأتي «بإرهابيين» كما صرح بذلك ما يسمى برئيس الشعبة الاستراتيجية بالجيش الصهيوني، طال كالمان الذي قال «بالتأكيد قلقون بشأن إمكانية تعزيز (حركة) حماس في يهودا والسامرة هذا طريق خطير للغاية وإنه بمثابة مخاطرة» لذلك منعت سلطات الاحتلال تنظيم أي تجمعات انتخابية في القدس, وقامت بفضها بالقوة واعتقال القائمين عليها, لترسل رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية ان لا انتخابات في القدس, وهذا معناه ان تلجأ السلطة لتأجيل الانتخابات بعد ان تستنفذ جهودها مع المجتمع الدولي في محاولة للضغط على «اسرائيل» للسماح بإجراء الانتخابات في شرقي القدس.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة الآن ماذا لو أصرت «اسرائيل» على موقفها بعدم اجراء الانتخابات في القدس؟ هل هذا معناه ان الانتخابات لن تجري ابدا طالما انها لن تجري في القدس, فالأرجح أن تبقى «اسرائيل» مصره على موقفها حسب فهمنا لسياستها العنجهية المستبدة, وأن السبب الوحيد الذي يمكن ان يدفع «اسرائيل» للموافقة على اجراء الانتخابات في القدس وفق الاتفاق الموقع مع السلطة بالسماح لنحو ستة الاف مقدسي بالانتخاب في القدس عبر البريد كإجراء شكلي فقط, هو فتح ملف الجنود الصهاينة لدى المقاومة في قطاع غزة وابرام صفقة تبادل مع حركة حماس التي تحتفظ بالجنود الصهاينة لديها, وسحب السلطة الفلسطينية لملف ملاحقة قادة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية, لذلك لا زالت «اسرائيل» تناور ولم تقدم اجابة صريحة وواضحة حتى الان لإجراء الانتخابات في القدس او عدم اجرائها.
ويبقى السؤال حاضرا ما هو الحل في القدس؟, الحل يكمن في العودة الى اساليب الضغط التي تجبر «اسرائيل» على التنازل امام الفلسطينيين, كالسماح بانتفاضة عارمة في الضفة والقدس المحتلتين وهذا حق اصيل لشعبنا في ظل الاستيطان والتوسع والقتل والتهجير الممارس ضد اهلنا في الضفة المحتلة والقدس ليل نهار, وهو الامر الذي تحدثت عنه حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين منذ طرح موضوع الانتخابات, وقالت اننا لا زلنا في مرحلة تحرر وطني, ولا يجب ان تنظم انتخابات تحت حراب الاحتلال, لأن الاحتلال الصهيوني سيبقى دائما حجر عثرة في وجه أي تحرك فلسطيني ديمقراطي, ولن يسمحوا للفلسطينيين بأن يمارسوا شؤونهم الحياتية بحرية, لأن الاحتلال موجود اصلا من اجل التنغيص على الفلسطينيين وحرمانهم من ابسط حقوقهم فهو احتلال عنصري وقهري وضار لمحيطه, وناكر لحقوق من حوله, واليوم يتضح الامر جليا امام الجميع بأن الاحتلال سيقف حجر عثرة في وجه الفلسطينيين لعدم السماح لهم بإجراء الانتخابات التشريعية .
هناك من دعا الى فرض الانتخابات بالقوة على سلطات الاحتلال الصهيوني للقبول بإجرائها في القدس, لكن السلطة قالت ليس لدينا اوراق قوة نستطيع ان نضغط بها على الاحتلال, ونحن نؤكد ان ورقة القوة الحقيقية التي في يد السلطة والفصائل الفلسطينية هم اهلنا في القدس والضفة المحتلتين, فهم القوة الحقيقية التي يمكن الرهان عليها, والشارع الفلسطيني مهيأ تماما للانتفاض في وجه الاحتلال الصهيوني وتفجير براكين الغضب التي بداخله في وجهه, ونحن هنا لا نتبارى فيمن كان موقفه اسلم واكثر واقعية في موضوع الانتخابات, فلكل فصيل فلسطيني الحق في تنفيذ رؤيته وفق سياساته الخاصة, فكلنا كفصائل سواء تلك المشاركة في الانتخابات او غير المشاركة لنا عدو واحد مشترك هو «اسرائيل» التي تحتل ارضنا وتدنس مقدساتنا وتسطو على حقوقنا وتقتل وتعتقل ابناء شعبنا, ونحن لسنا حركات جامدة تتمترس عند مواقفها, لكنها حركات فلسطينية واقعية تبحث عن مصلحة الشعب وتحافظ على ارثنا النضالي, لذلك فإن تعنت الاحتلال ورفضه اجراء الانتخابات في قلب الدائرة الانتخابية الاهم «القدس» يجب ان يكون حافزا لنا لفرض سيادتنا على القدس وهذا ليس مستحيلا, فقط انظروا الى انتفاضة الاقصى المباركة, وانظروا الى معركة البوابات التي فجرها المقدسيون ضد الاحتلال, ستجدوا الاجابة واضحة تماما, فما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة, انه المنطق الذي يحتكم اليه العالم كله.
التعليقات : 0