بقلم : هيثم محمد أبو الغزلان (4 / 5)
الأسرى والأسيرات خلال الفترة (1987-2018)
واصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف النساء والفتيات الفلسطينيات بالاعتقال والاستدعاءات، والأحكام المرتفعة ولم تستثن القاصرات منهن، وكبار السن، والمريضات، حيث رصد "مركز أسرى فلسطين" (84) حالة اعتقال لنساء وفتيات خلال النصف الأول من العام 2018، فيما سُجّل (170) حالة اعتقال لنساء وفتيات في العام 2017. وأوضح الباحث رياض الأشقر الناطق الإعلامي في "مركز أسرى فلسطين" أن "الاحتلال يستهدف النساء والفتيات الفلسطينيات، وذلك بهدف ردعهن عن المشاركة في مقاومة الاحتلال حتى لو كانت بشكل سلمي، لذلك صعّد الاحتلال في استهداف النساء بالاعتقال التعسفي لمجرد الشبهة، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ارتفع عدد الأسيرات في سجون الاحتلال خلال الفترة الماضية إلى (62) أسيرة". (9) و"نفذت الاحتلال (84) حالة اعتقال خلال النصف الأول من العام 2018 بحق نساء وفتيات بينهن (6) قاصرات أصغرهن الطفلة "رزان أبوسل" 14 عاما التي أمضت 45 يومًا في السجون وأطلق سراحها، والطفلة "سارة نظمي شماسنه" 14 عامًا واعتقلت مع والدتها "رسيلة شماسنه" من القدس، وأطلق سراحها، والفتاة "مي بسام عسيلة" 14 عامًا من مخيم شعفاط، بحجة حيازة سكين وزجاجة غاز، وأطلق سراحها بعد التحقيق لساعات. كما اعتقل الجريحة خولة صبيح" (43 عاما) من القدس بعد إطلاق النار عليها وإصابتها بجراح متوسطة في القدمين، واعتقال المسنة " فرحة عبد دعنا" 67 عاما، من القدس القديمة.
ومن بين حالات الاعتقال (10) حالات استهدفت أهالي الشهداء والأسرى من الدرجة الأولى حيث اعتقل الاحتلال "نيفين صلاح" (32 عامًا) وهي زوجة الأسير "عبد المنعم صلاح"، والسيدة "معزوزة أبو جودة" (53 عاما)، وهي والدة الأسير "خالد أبو جودة" و"نهى عبد الله شواهنة" (52 عامًا)، من قلقيلية وهي والدة الأسيرين "عروة وشرحبيل طاهر شواهنة"، و"صفاء عطاطره" من جنين زوجة الأسير "ماجد نزار" خلال زيارته بسجن النقب، ووالدة الأسيرين "محمد ومحمود البدن"، ووالدة الأسير "زيد البدن" من بيت لحم السيدة "إبتسام عبيد" من قرية العيساوية وهي والدة الفتى الأسير "نايف وسيم عبيد" (15 عامًا)، كما تم اعتقال "حنان ردايدة" شقيقة الأسير "جمال ردايدة" من بلدة العبيدية شرق بيت لحم خلال زيارتها له في سجن النقب. (11) وأصدرت محاكم الاحتلال خلال العام 2017 العديد من الأحكام القاسية والانتقامية بحق الأسيرات؛ فحكمت على الأسيرة الطفلة ملك محمد سلمان (16 عامًا) من القدس، بالسجن الفعلي لمدة 10 سنوات، وحكمت على الأسيرة القاصر الجريحة، مرح جودت بكير (17 عامًا)، حكمًا بالسّجن الفعلي لـ 8 أعوام ونصف، وغرامة مالية بقيمة 10 آلاف شيكل، وعلى الأسيرة شاتيلا سليمان أبو عيادة (24 عامًا) من مدينة كفر قاسم بالسجن الفعلي لمدة 16 عامًا، إضافة إلى غرامة مالية بقيمة 100 ألف شيكل، وبالسجن لمدة 6 سنوات بحق الفتاة منار مجدي الشويكي (16 عامًا) من القدس، وبالسجن 5 سنوات بحق الأسيرة أنسام عبد الناصر شواهنة (20 عامًا) من قلقيلية، وبالسجن لمدة 39 شهرًا بحق الطفلة الأسيرة الجريحة لمى منذر البكري (17 عامًا) من الخليل، وبالسجن لمدة عامين بحق الأسيرة إستبرق يحيى التميمي (22 عامًا) من القدس، وبالسجن لمدة عامين بحق الأسيرة المسنة ابتسام موسى (59 عامًا) من مدينة قطاع غزة. (12)
وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في تقرير صدر عنها، (13-1-2019)، جُملة من الحقائق اليومية التي يعشنها أسيرات معتقل (الدامون)، الذي يقع شمالي فلسطين على سفوح جبل الكرمل بمدينة حيفا، والذي أُقيم منذ زمن الانتداب البريطاني كمستودع للدخان، وعند بنائه تم مراعاة توفير الرطوبة لحفظ أوراق الدخان، وكانت الأرض تعود ملكيتها لعائلة قرمان من حيفا، وبعد عام 1948 وضعت "إسرائيل" يدها على المبنى وحولته إلى سجن، حيث أن البنية التحتية للسجن رديئة وسيئة جداً وكان هناك أمر بإغلاقه لأنه لا يصلح للعيش به، ولكن مع اندلاع انتفاضة الأقصى وازدياد أعداد المعتقلين الفلسطينيين، أعادت "إسرائيل" فتحه وهو يستوعب حاليًا 500 أسير أغلبهم معتقلين على خلفية الدخول لأراضي الداخل المحتل بطريقة غير قانونية، وهناك قسم للأسيرات يضم حوالي 53 أسيرة. وفي سجن (الدامون) يتوضّح حجم الانتهاكات والخروقات التي يتعرضن لها الأسيرات بشكل يومي، والتي تُخالف بشكل صريح كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومبادئ حقوق الإنسان، ففي شهر كانون أول/نوفمبر عام 2018 تم ضم الأسيرات السياسيات اللواتي يقبعن في سجن "الشارون" إلى أسيرات الدامون ليصبح معتقل "الدامون" يضم جميع الأسيرات السياسيات.(13) وقُبيل نقل الأسيرات من سجن الشارون للدامون، تم أيضاً نقل أسيرات سجن الدامون من قسمهن، حيث كُن يقبعن بقسم 6 وتم نقلهن إلى قسم 3، كما تم نقل أسيرات الشارون إلى القسم ذاته، وقد جرى نقل أسيرات الشارون على 6 دفعات، من تاريخ (31-10 حتى 7-11-2018). (14)
وتُحتجز الأسيرات الفلسطينيات في قسم يحتوي على 13 غرفة، في كل غرفة توجد ما بين 4-8 أسيرات، هناك غرفة عزل مع كاميرات، كذلك يوجد غرفة تُستخدم كصف لتعليم للقاصرات ويتم فتحها يومًا بالأسبوع فقط، وقد طالبن الأسيرات باستخدام هذا الصف وفتحه يومياً للتعليم والجلسات الثقافية وأن يكون به مكتبة وغرفة قراءة لجميع الأسيرات، ولكن للآن لم يسمح لهن بذلك، مع ذلك نجحت الأسيرات بتخصيص غرفة للقاصرات وأخرى للأسيرة الجريحة المقدسية "إسراء جعابيص" (32 عامًا)، والمحكومة بالسجن الفعلي لمدة 11 عامًا، نظراً لخصوصية حالتها حيث ترافقها عادة الأسيرة "عائشة الأفغاني" لتساعدها بمتطلباتها اليومية. وكانت اعتقلت جعابيص بعد إصابتها بحروق شديدة نتيجة اشتعال سيارتها بعد إطلاق النار عليها قرب حاجز "الزعيم" العسكري وكانت حالتها خطيرة حينها، ومكثت في المستشفى 3 أشهر نظرًا لصعوبة حالتها، قبل نقلها إلى سجن الشارون، وتعاني من حروق بنسبة 60 % من الدرجة الأولى والثالثة في منطقة الوجه واليدين والظهر والصدر، كما تم بتر 8 من أصابعها، وتعاني الأسيرة "جعابيص" من تدهور في حالتها الصحية وتحتاج إلى إجراء عمليات جراحية بعد إصابة يديها بالتهابات شديدة، وتخشى إذا لم يقدم لها علاج مناسب أن يتم بترها. وأحصى "مركز النادي الفلسطيني" في الفترة الواقعة بين الهبّة الشعبية في تشرين الأول /أكتوبر 2015 ونيسان /أبريل 2017 وجود 57 أسيرة في سجون الاحتلال، من بينهن 13 قاصرة، وأسيرات أمهات (19)، والنائب في المجلس التشريعي سميرة الحلايقة.
وذكر بيان صادر عن "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" (آذار 2018) "أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال العام 2017 (156) سيدة وفتاة فلسطينية، و164 في العام 2016، فيما اعتقلت حوالى 106 امرأة فلسطينية خلال العام 2015 مما يُشكّل زيادة بنسبة 70% عن عام 2013 و60% عن عام 2014. وطالت الاعتقالات مختلف القطاعات الاجتماعية والفئات العمرية، فشملت أمهات وصحافيات وثلاثة أسيرات محررات ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، كما طالت الاعتقالات على وجه الخصوص طالبات مصاطب المسجد الأقصى".
وفي انتهاك واضح لحقوق المرأة الفلسطينية، ذكر بيان "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" أن قوات الاحتلال "تحتجز (6) طفلات، (9) مصابات و(3) نساء رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، كما وتمارس بحقهن مختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي". وأضاف البيان "تقبع حالياً في سجون الاحتلال 35 أسيرة في سجن هشارون، و25 أسيرة في سجن الدامون، وواحدة في سجن الرملة وأخرى لم نستطع تحديد مكان احتجازها، وتقع هذه السجون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، أي بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة". وذكر "مركز النادي الفلسطيني" في بيان صادر عنه أن الأسيرة "لينا الجربوني"، من بلدة عرابة في الداخل الفلسطيني، تُعدُّ أقدم الأسيرات، إذ اعتقلت في يوم 18 نيسان/أبريل 2002 وحكم عليها بالسجن 17 عامًا، وأفرج عنها يوم 16 نيسان/أبريل 2017. وهناك أيضًا أحلام التميمي، والتي قضت في السجون الإسرائيلية عشر سنوات بعد أن حكم عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، على خلفية المشاركة في تنفيذ عملية استشهادية عام 2001، وأفرج عنها في صفقة تبادل الأسرى عام 2011". ولا تستثني سلطات الاحتلال القاصرات من عمليات الاعتقال ومن تعريضهن للانتهاكات، فقد حكمت المحكمة المركزية في القدس المحتلة يوم 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 على نورهان عوّاد (17 عاما) بالسجن الفعلي لمدة 13 عامًا ونصف العام بتهمة محاولة القتل، وذلك بعد أن "أدينت" بتنفيذ عملية طعن بمقصّات في القدس قبل عام من ذلك مع قريبتها الشهيدة هديل عوّاد.
كما حكمت محكمة "إسرائيلية" يوم 9 كانون الثاني/ يناير 2017 بحبس منار الشويكي (16 عاما) من بلدة سلوان في القدس المحتلة لمدة ست سنوات، وذلك بعد اعتقالها يوم 6 كانون الأول/ ديسمبر 2015 عقب مغادرتها مدرستها بذريعة العثور على سكين في حقيبتها المدرسية. لا ولم تسلم تسنيم حلبي (15 عاما) من السجن الفعلي لمدة عام ونصف العام بتهمة محاولة الطعن، وذلك بعد اعتقالها مع صديقتها نتالي شوخة (14عاما) في نيسان/ أبريل 2015 عند حاجز عسكري غرب رام الله بدعوى محاولتهما طعن مجندة هناك، وأطلق الجنود الرصاص على نتالي ما أدى إلى إصابتها.
وتشهد سجون الاحتلال شتّى صنوف العذاب والقهر والمعاقبة الجماعية بحق الأسرى، من خلال رشّهم بالغاز، والتكسير، والتعرية، وإخضاعهم لكل صنوف الإهانة والتحقير، وتقييد أيديهم، وشبحهم لأيام عديدة في زنازين ضيّقة مغمورة أرضياتها بالمياه النتـنة، أو حتى في المراحيض، وتدهور الأوضاع الصحية وانتشار الأمراض والحشرات، ورداءة الطعام، وقلّته، وحرمانهم من تلقي العلاج، خاصة مصابي وجرحى الانتفاضة، والحرمان من النوم، وحرمانهم من زيارة ذويهم، والازدحام الشديد واستمرار العزل في زنازين انفرادية، في عملية قتل للأسير الفلسطيني قتلاً بطيئًا ومنظماً ومدروساً بعناية فائقة.
التعليقات : 0