رأي الاستقلال العدد (2077)

القدس تجدد ملامحها في رمضان

القدس تجدد ملامحها في رمضان
رأي الاستقلال

رأي الاستقلال العدد (2077)

تأبى القدس الا ان تحافظ على ملامحها العربية والاسلامية الاصيلة رغم كل محاولات تشويه ومحو معالمها, ترسم القدس صورتها الجميلة والمتجددة في شهر رمضان, حيث يتوافد المقدسيون فرادى وجماعات الى المسجد الاقصى يحملون مصاحفهم وسجادة الصلاة وحبات التمر, وتعلو اصوات الباعة في ازقة البلدة القديمة فتعرض الكعك المقدسي والخبز وزجاجات التمر الهندي والخروب والعرق سوس, والحمص والفول والفلافل لوجبة السحور, وتتزين البلدة القديمة بالأضواء والزينة الرمضانية والفوانيس, وتتجمع حلقات شبابية في ساحة البراق لتنشد للقدس وفلسطين, ويطوف المتطوعون في باحات الاقصى وفي الشوارع والحارات المحيطة به لتوزيع الحلوى والماء والتمر على المارة قبل دقائق قليلة من رفع اذان المغرب, وتشعر بان القدس بتاريخها وحضارتها واسلاميتها تحتضنك وترسلك في رحلة ممتدة عبر عبق التاريخ لتقف على امجادها وقادتها العظام الذين فتحوها وتكحلت عيونهم برؤيتها بدءا بالفاروق عمر ابن الخطاب رضى الله عنه, مرورا بالخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي بنى قبة الصخرة المشرفة, وصولا الى الناصر صلاح الدين الايوبي قاهر الصليبيين, واليوم تقف القدس في انتظار قائدها الجديد الذي سيحررها من براثن الصهاينة المحتلين, وتقف وهى تناشد امة الاسلام والعرب اجمعين ان افيضوا علينا من نصرتكم وفدائكم للقدس والاقصى الشريف, وطهروا القدس من اعداء الدين, واعداء الامة, واعداء البشرية جمعاء, اليهود الغاصبين.    

 

انقضت ليلة ثانية من المواجهة بين المقدسيين وجنود الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه, ليلة صاخبة مليئة بالأحداث والقصص المشرفة التي تدل على عظمة هذا الشعب الذي اخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن القدس والاقصى, مواجهات في القدس في اماكن عدة داخل المدينة, ورباط في ساحات المسجد الاقصى, واهلنا في ال 48م يتوافدون على الاقصى لحمايته والدفاع عنه بصدورهم العارية, ومواجهات في الضفة في مناطق عديدة, وصواريخ تنطلق من غزة تحبس قطعان المستوطنين تحت الارض في الملاجئ, وتمنعهم من مواصلة اعمالهم, وتحرمهم من الوصول للمدارس واماكن العمل, فالقدس "خط احمر" ولا يمكن للفلسطيني ان يجبن او يتراجع قيد انملة وهو يدافع عن اقصاه, وينتفض من اجل القدس, ان كل ربوع الوطن استجابت لنداء اهل القدس وقالت لهم انتم لستم وحدكم, ونحن على يقين ان الامة العربية والاسلامية لن تتخلى عن واجبها في الدفاع عن المسجد الاقصى وستلتحق عاجلا او اجلال بهبة القدس الرمضانية رغم كل هذا الخذلان الرسمي العربي, انه الواجب الديني والاخلاقي والانساني تجاه اهلنا في القدس, فهذه امة واحدة وهى كالجسد الواحد تدافع عن نفسها وتحمي ذاتها وتتخلص من اعدائها ويظهر معدنها الاصيل في الملمات, والاحتلال مخطئ ان ظن ان الامة ستتخلى عن واجبها تجاه الاقصى, وستنسى مسجدها المبارك,  فالقدس مركز الصراع الكوني, لن ينعم الاحتلال بالأمن والامان والسكينة والطمأنينة طالما بقيت القدس مغتصبة يحتلها الصهاينة الاشرار.  

 

القدس تجدد ملامحها في رمضان وشعبها يبايعها على الدم والشهادة, وتكثر الملاحم البطولية في شهر رمضان المعظم, كيف لا هو رمضان النصر والفتوحات, رمضان الخير والعطاء, رمضان العز والفخار, وكأن البطولة تبايع القدس في رمضان المبارك, وكأنها ترسم ملامح النصر القادم من حطين وتخط حدود الوطن من حدود الدم الثائر والذي يعبق في كل مكان, هناك في الاقصى شيخ يبكي وهو يقرأ سورة الاسراء, وسيدة ترفع اكفها الى السماء لتلهج بالدعاء ان يخلص الله عز وجل الاقصى من ايدي اليهود الغاصبين, وطفل تعلق بصرة بقبة الصخرة المشرفة وهى تعكس صورة الشمس في كبد السماء وترسم شعاعها الممتد كالظلال وهى تخيم على القدس لتحميها من عيون المحتلين, معركة القدس ستبقى قائمة ومشتعلة طالما بقيت القدس رهينة في ايدي اللصوص والغرباء, رمضان شهر الانتصار ترتفع فيه الجوانب الروحية لدى الناس, وتكثر قصص البذل والعطاء وتتعدد وتتنوع, لذلك فان الاحتلال يخشى ايام رمضان ويعمل لها الف الف حساب, فينشر عناصره الامنية والشرطية ووحدات الجيش بكثافة, لان لشهر رمضان ملاحم بطولية لا زالت حاضرة في اذهان المحتلين, من عمليات فدائية واستشهادية وانتصارات عديدة في رمضان, والاحتلال يعدد الايام والدقائق والثواني لشهر رمضان, لذلك يلجأ لإعاقة حركة الفلسطينيين ومنع وصولهم للأقصى, لكنه دائما ما يصطدم بإرادة فولاذية لا تلين,  وقوة لا تنكسر, وهو يدرك ان نهايته ستبدأ من هناك من القدس.. فصبر جميل.     

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق