رأي الاستقلال العدد (2080)
امام تداعيات السلطة واصرارها على حرف البوصلة عن القدس وما تشهده من انتفاضة في وجه الاحتلال الصهيوني ودعوتها للاجتماع بالفصائل الفلسطينية اليوم الخميس في رام الله لمناقشة موضوع الانتخابات التشريعية قالت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين انها لن تشارك في هذا الاجتماع, الذي يأتي في وقت نحن احوج فيه الى وحدتنا وتناسق مواقفنا والتنبه لمخططات الاحتلال العدوانية في القدس والمسجد الاقصى المبارك, والجهاد يرى ان مثل هذه الاجتماع لن يأتي من ورائه طائل, والمشكلة الاساسية لدي السلطة والفصائل في تحديد اولويات العمل, وتعتبر انتفاضة القدس الرمضانية هي اولى اولويات الفلسطينيين, وهى التي اربكت الاحتلال ووضعت نتنياهو الساعي لتشكيل حكومة جديدة في دائرة الاتهام من اليمين واليسار وهو يعيش اليوم اضعف فتراته, ولكي يحرف البوصلة ويشتت الجهد الفلسطيني, خرجت وسائل الاعلام العبرية لتقول ان الانتخابات شأن داخلي فلسطيني, وان "اسرائيل" ابلغت ثلاثة عشر سفيرا من سفراء الدول الاوروبية انها لا تمانع اجراء الانتخابات شرقي القدس, فهذا شأن فلسطيني داخلي لا دخل "لإسرائيل" فيه, وهى كانت تهدف من وراء مثل هذه التصريحات الاعلامية, حرف البوصلة واعادة الفلسطينيين الى ملهاة الانتخابات مجددا, ووأد الانتفاضة الرمضانية في مهدها, لذلك جاء موقف الجهاد الاسلامي بعدم المشاركة في اجتماع رئيس السلطة المزمع اليوم الخميس بالإضافة لأسباب اخري نذكر بعضها في النقاط التالية.
اولا: حركة الجهاد الاسلامي ابدت منذ البداية موقفها الواضح بأنها لن تشارك في الانتخابات التشريعية لأنها محكومة بسقف اوسلو, وتجرى تحت حراب الاحتلال, واننا لا زلنا في مرحلة تحرر وطني وان الاولوية الان للعمل المقاوم, لمواجهة صفقة القرن, ومخطط الضم, ومؤامرات التهويد والتقسيم في القدس والاقصى.
ثانيا: الاجتماع يأتي في سِياق الهروب من استحقاق الانتخابات, وبالتالي هو سيوسع الهوة والاختلاف في المواقف بين الفصائل الفلسطينية, وسيؤدي الى اجتهادات عديدة من شأنها ان تضعف انتفاضة شعبنا في وجه الاحتلال الصهيوني والتي بدأت تسبب له مشكلات كثيرة على المستوى الداخلي والخارجي وتفشل مخططاته.
ثالثا: حركة الجهاد الاسلامي ترى ان السيادة على القدس لا تتحقق بإجراء انتخابات تشريعية فيها, انما تتحقق بتعاظم الفعل المقاوم, واحباط مخططات الاحتلال, وان الاساس هو تعزيز صمود المقدسيين ودعمهم فعليا ومعنويا والتضامن معهم في معركتهم المتجددة مع الاحتلال وجعل القدس دائما بؤرة المواجهة ضده.
رابعا: ان السلطة الفلسطينية لديها اجندة خاصة تعمل وفقها على قاعدة اتفاقية اوسلو المشؤومة, ووفق مسار التسوية المرسوم لها, وهى دائما تدور في هذا الفلك, وتريد ان تأخذ الفصائل نحو وجهتها, وهذا هو الدور الحقيقي المطلوب منها على المستوى الدولي, لذلك لا تريد حركة الجهاد دخول هذه الدائرة المشبوهة.
خامسا: حركة الجهاد الاسلامي لا تضع أي وصاية على موقف الفصائل الفلسطينية من المشاركة في الانتخابات من عدمها, لان هذا شأن يخص كل فصيل, لكنها تريد ان تكشف مألات هذه الانتخابات بوضوح امام الشعب الفلسطيني حتى تكون الامور واضحة تماما امام الجميع, فكل هذا النضال والتضحيات التي قدمها شعبنا على مدار سنوات طوال لن يكون نتيجته انتخابات يصفها البعض بانها انجاز وطني, لكن الانجاز الحقيقي هو استمرار الاشتباك مع الاحتلال الصهيوني وانتزاع الحقوق بالقوة وتحقيق انتصارات, لذلك ترى حركة الجهاد ان مسار الانتخابات ليس في سلم اولوياتها في هذه المرحلة وان المقاومة بأشكالها المختلفة هي الاساس.
مواقف الجهاد الاسلامي دائما نابعة من رؤية تقدمية مستقبلية, فهي تنظر الى المدى الابعد وتقرأه جيدا, وتحاول دائما ان تصحح المسار وتعيد توجيه البوصلة نحو وجهتها الصحيحة, والحقيقة ان الانتخابات التشريعية خلقت مسار من المناكفات الداخلية بين من يؤيد اجراؤها ومن لا يؤيد ذلك, وبين من يسعى لإنجاحها ومن يعيق ذلك, وبين من لديه رغبة في الوصول الى السلطة ويستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإنجاح ذلك, في نفس الوقت الذي يسطر فيه شعبنا الفلسطيني في القدس ملحمة بطولية تتطلب ان يتم تعزيزها ودعمها بكل قوة حتى يدرك الاحتلال الصهيوني ان القدس واهلنا المقدسيين ليسوا وحدهم.
التعليقات : 0