"تكيات الخير".. ترسم البسمة على شفاه الأسر المستورة بغزة

محليات

الاستقلال/ دعاء الحطاب:

ما أن تتوقف عقارب الساعة نحو الواحدة ظهراً من نهار رمضان، حتى يتسابق عشرات الشباب المتطوعين لإعداد مئات وجبات الطعام الشهية يومياً، وسط أجواء مليئة بالفرح والسعادة، تمهيداً لتوزيعها على الأسر الغزية المستورة والبيوت التي أنهكها الفقر والحاجة.

 

ومع بداية شهر رمضان المبارك تحديداً، وباقي أيام العام، يكون مطبخ " تكية الخير" أشبه بخلية النحل، الجميع يعملون حسب المهمة الموكلة إليهم؛ لضمان تجهيز كميات كبيرة من الوجبات الشعبية المختلفة، للأسر المحتاجة في محاولة لتخفيف معاناتهم، في ضوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تعصف بهم منذ سنوات.

 

ويتسابق المواطنون في شهر رمضان المبارك، على فعل الأعمال الخيرية والمبادرات التطوعية، طمعاً في نيل الأجر والثواب في شهر الخير، إذ بدأ العديد من المبادرات الفردية والجماعية على تقديم أوجه الخير كل على طريقته، غير مبالين للتعب أو المجهود و التكلفة.

 

ويعاني قطاع غزة من سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية جراء الحصار الإسرائيلي المفروض عليه للعام 14 على التوالي، والحروب المتتالية على مدار سنوات سابقة، بالإضافة الى العقوبات التي فرضها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الموظفين في القطاع، فيما أنهكت جائحة "كورونا" ما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني، إذ بلغت نسبة الفقر في القطاع 85% فيما ارتفعت معدلات البطالة الى ما نسبة65%، فيما زاد عدد العاطلين عن العمل إلى ما يقرب من 350 ألفاً.

 

" تكية الخير"

 

المتحدث باسم التكية وليد الجزار من التجمع الإسلامي لعمال فلسطين، يقول خلال حديثه لـ"الاستقلال":" أن مشروع التكية بدأ منذ عام 2019 من داخل مطبخ صغير قمنا بإنشائه وبمعدات بسيطة، حتى كبر المشروع وبات يغطي محافظات قطاع غزة كافة".

 

وأوضح أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه معظم الأسر في القطاع المحاصر تحديداً فئة العمال خاصة مع اشتداد الحصار واستمرار أزمة الرواتب، دفعهم للتفكير في إنشاء "تكية الخير"، مشيراً الى أنه تم تشكيل فريق عمل متكامل للبحث والتحري عن الأسر الفقيرة بمختلف محافظات القطاع.

 

وأشار الى أن أفراد فريق "تكية الخير" من أبناء حركة الجهاد الإسلامي، ويتطوعون في هذا المجال دون عائد مادي، واستشعاراً بمسؤوليتهم المجتمعية اتجاه العائلات المعوزة، لافتاً إلى أن عدد العاملين بالتكية يصل لـ 50 شخصاً في المحافظة الواحدة، كلا منهم يقوم بمهام محدده، إضافة إلى أعضاء اللجنة الأساسية.

 

ويقوم فريق "تكية الخير" بطهي الوجبات وتجهيزها، في تنوع مدروس منها: "الفاصولياء، البازلاء، البامية، الكفتة، والأرز مع الدجاج أو اللحوم وغيرها"، وذلك وفق الإمكانيات المتوفرة، وفق الجزار.

 

وذكر أن عدد الأسر المستفيدة من وجبات تكية الخير تصل إلى نحو 5000- 6000 عائلة يومياً على مستوى قطاع غزة، منذ بداية شهر رمضان المبارك حتى اللحظة، وقد تزداد عن ذلك حسب حجم التبرعات، وفق الجزار.

 

ونوّه إلى أن عمل التكية يقوم على أساس عدم إحراج الأسر المستورة، وذلك من خلال إعطائهم فكرة أن القائمين عليها يأكلون من نفس الطعام، وأن الوجبات المقدمة تستهدف الجميع، كذلك عدم تصوير أو توثق الاشخاص الذين تستهدفهم التكية لإشعارهم بالثقة وعدم احراجهم.

 

وتعتمد "تكية الخير" على مناشدات تطلقها عبر منصاتها الرسمية في مواقع التواصل لجمع التبرعات اللازمة لتمويل أنشطتها، وفتح الباب لمن أراد أن يساهم في دعم التكية.

 

ويوضح أنهم يتلقون دعما وتمويلا كبيرا جدا من أهل الخير من داخل غزة وخارجها، فمعظم المتبرعون يُتابعون أنشطتنا ويشاهدون عملنا الذي نقوم به ويثقون بنا، ما يدفعهم لتقديم الدعم لنا بشكل مستمر.

 

مبادرة فردية

 

"قلة ما في اليد، وضعف الامكانيات" لم تمنعا الشاب عمر مشمش صاحب مطعم "الجماهير للمأكولات الشعبية" من مد يد العون والمساعدة للأسر الفقيرة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، خلال أيام شهر رمضان المبارك.

 

وقبل ساعات قليلة من موعد الإفطار والسحور، يبدأ " مشمش" وثلاثة من عماله، بتعبئة الوجبات المكونه من " فول، حمص، فلافل محشو بالبصل"، في أواني حافظة للحرارة وتوصيلها إلى بيوت الفقراء في مناطق متفرقة من المخيم بواسطة دراجة نارية، وفق قوله.

 

وأوضح مشمش خلال حديثه لـ"الاستقلال"، أن المساهمة في التخفيف عن الفقراء ظروفهم المعيشية الصعبة، ومعاناتهم جراء تدهور الوضع الاقتصادي بفعل الحصار "الإسرائيلي" وجائحة كورونا، كان الهدف الأساسي الذي دفعه لإطلاق مبادرة " صحن السعادة" رغم بساطتها.

 

وبيّن أن "المبادرة تترك أثرا طيباً على الأسر المتعففة، خاصة المهمشين منهم، وتشكل ملاذًا لهم خلال الشهر الفضيل"، مضيفاً:" نشاهد معاناة العائلات التي نغيثها عند توصيل الوجبات اليها ، فنرى بيوتًا لا يوجد داخلها حتى كسرة خبز".

 

وأكد أن هناك عشرات الأسر الغزية باتت تعتمد على المساعدات الاغاثية، بعد عجزهم عن توفير أدني مستلزماتهم اليومية نتيجة الحالة المادية الصعبة، خاصة بعد إجراءات وقيود كورونا، لأن "الكثيرين من معيليها فقدوا فرص عملهم".

التعليقات : 0

إضافة تعليق