غزة / محمد أبو هويدي:
ما زالت مختلف المعطيات السياسية على الساحة الفلسطينية تشير إلى عدم صوابية قرار اللجوء إلى الانتخابات التشريعية تحت حراب الاحتلال "الإسرائيلي"، وأن الأولوية تقضي بالتوحد والتوافق الوطني على خيار المقاومة، وهو ما أكد عليه محللان سياسيان في حديثيهما لـ"الاستقلال" تعقيباً على الأنباء التي تشير إلى احتمالية إرجاء الانتخابات التشريعية المرتقبة بعد أقل من شهر.
واعتبر المحللان، أن السبب الراجح خلف تأجيل الانتخابات، ليس عدم السماح بإجرائها في القدس، وإنما تخوف حركة فتح من تكرار نتائج 2006 وعدم فوزها بالانتخابات بسبب ما تعانيه الحركة من تشتت وانقسامات داخلية، مشددين على أن "التأجيل سيكون بداية لمرحلة غامضة وتعميق الانقسام وإثارة الفوضى.
وعلمت صحيفة الأخبار اللبنانية، من مصادر في «حماس»، أن قيادات في «فتح» حاولت طوال الأسبوع إقناع الأولى بتأجيل الانتخابات بذريعة منع الاحتلال لها في القدس المحتلّة، فيما طلبت «حماس» الاتفاق على آليات لإجرائها هناك وتحدّي رفض الاحتلال، وهو ما رفضته «فتح» بحجة أنه سيؤثّر في علاقتها مع العدو الذي قد يعود إلى فرض عقوبات عليها ويمنع تحويل الأموال إلى السلطة، الأمر الذي سيدخلها في أزمة جديدة.
وكشف مصدر فتحاوي، للصحيفة أن الأوروبيين اقترحوا، خلال مباحثات جرت الثلاثاء، على السلطة، إجراء الانتخابات في مبانٍ تابعة للأمم المتحدة في القدس، وهو ما وعدت السلطة بدراسته وطرحه على اجتماع «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» اليوم (الخميس)، والذي ستحضره جميع الفصائل، دون الجهاد الإسلامي التي أعلنت مقاطعته، كونها ليست طرفا في الانتخابات التي ترى أنها ليست البوابة الحقيقية لوحدتنا، وتحرير أرضنا (..) من يريد أن يتحد عليه ان يتحد كما اتحد المقدسيون ويصر ويقاوم كما قاوموا في ساحات المسجد الأقصى وباب العامود". وفق ما أكده القيادي في الحركة الشيخ خضر عدنان.
الاولوية للتوافق الوطني
وقال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: "إن تأجيل الانتخابات وعدم إجراءها بحجة أن دولة الاحتلال ترفض إجراءها بالقدس المحتلة يصب في مصلحة "إسرائيل"، لأن الكل الفلسطيني يعتبر القدس جزءاً لا يتجزأ من العملية الانتخابية، بالرغم أن الانتخابات ليست المدخل السليم والصحيح لإنهاء الانقسام والحالة الفلسطينية الراهنة".
وتساءل عوكل، "لماذا ننتظر الموافقة "الإسرائيلية" سواء بموضوع الانتخابات بالقدس أو غيرها من القضايا الأخرى؟، فهذا في النهاية احتلال ليس له سلطة علينا والمصلحة الفلسطينة هي التي تتقدم إذا كانت المصلحة تقتضي إجراء انتخابات فسنجد الطريقة الممكنة لإشراك أهلنا في القدس دون موافقة الاحتلال، لكن المشكلة ليست موافقة الاحتلال اجراء الانتخابات بالقدس، وإنما المشكلة تكمن في تخوفات حركة فتح من الخسارة بسبب تشتتها وانشقاقاتها.
ورجّح عوكل أن وضع حركة فتح الراهن، هو ما قد يعزز الذهاب لتأجيل الانتخابات، خوفاً من تكرار نتائج انتخابات 2006، وهذه ذريعة الرئيس محمود عباس التي يبطنها.
وأكد أن المدخل السليم والصحيح للخروج من الحالة الفلسطينية الراهنة، لم يكن عبر الانتخابات، وإنما من خلال التوافق الوطني، والإنهاء الحقيقي للانقسام الفلسطيني.
ولفت عوكل، إلى أن تأجيل المصالحة وترتيب منظمة التحرير الفلسطينية وكل القضايا الأخرى وتقديم الانتخابات التشريعية، كان قراراً خاطئاً بامتياز، فالمدخل الطبيعي هو التوافق الوطني واستعادة الوحدة الداخلية، وعندها تأتي الانتخابات كواحدة من النتائج التي ترتبت من وراء المصالحة وليس العكس.
واعتبر أن "تأجيل الانتخابات سيؤسس لمرحلة غامضة في المشهد الفلسطيني، ما يعني تعميق الانقسام وإثارة الفوضى وعدم الثقة ولذلك كان الأجدر والأصواب أن نبدأ بالمصالحة وترتيب بيتنا الفلسطيني أولاً".
تصويب البوصلة
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، أن الانتخابات ليست هي الحل السحري لما يعانيه شعبنا الفلسطيني من جراء الاحتلال والطريق الأفضل هو الذهاب نحو التوافق الوطني وإنهاء الانقسام والاتفاق على استراتيجات وطنية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي للحفاظ على الأرض والمقدسات.
وقال عبدو لـ "الاستقلال": "إن هذا هو الطريق الذي يجب أن يتبعه الشعب الفلسطيني، وطالما اتخذ رئيس السلطة قراراً بإجراء الانتخابات وأصدر لها مرسوماً رئاسياً، فإن ذلك بات حقاً مكفولاً لشعبنا يجب الالتزام به.
وأضاف أن "قرار تأجيل الانتخابات يدفع الحالة الفلسطينية إلى مزيد من الانهيار"، لافتاً إلى أن رئيس السلطة لا يملك الصفة القانونية ولا الدستورية للتأجيل.
وحذر عبدو من تبعات قرار التأجيل، "سيكون له ارتدادات سلبية، وسيأخذنا نحو المجهول، بنفس القدر الذي كان فيه قرار إجراء الانتخابات خطوة نحو المجهول".
وبين المحلل السياسي، أن ما يقوم به رئيس السلطة هو استخفاف بشعبنا الفلسطيني وقضاياه، وهو جريمة لا يمكن القبول بها لذلك نأمل أن يكون هناك إدراك لحجم المخاطر التي تواجه شعبنا، والدفع باتجاه وحدة حقيقية واتخاذ قرار بالمواجهة مع الاحتلال كما حدث مؤخرا في انتفاضة رمضان في باب العمود ومدينة القدس المحتلة.
وشدد عبدو، على ضرورة أن يمتد النموذح المقدسي على امتداد الجغرافية الفلسطينية في الضفة والقدس والداخل المحتل، حتى يرضخ الاحتلال كما رضخ في باب العامود بالقدس، منوهاً إلى أن الموقف الموحد في المدينة المقدسة أثبت أن الاحتلال غير قادر على إغلاق ساحة في المدينة، وهذا يعني أنهم لا يستطعون فرض السيادة "الإسرائيلية" على القدس وعلى من أرادو العيش بعزمة وكرامة ومواجهة الاحتلال.
ولفت المحلل السياسي، إلى أن المقدسيين عملوا على تصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح، للوصول إلى الخلاص من الاحتلال بشكل فعلي وذلك من خلال المواجهة الحقيقية معه.
وكان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قد حذر في مقابلة تلفزيونية معه قبل أسابيع، من المآلات التي قد تؤول إليها الساحة الفلسطينية في أعقاب إجراء الانتخابات، وقال: نحن ذاهبون للمجهول ولا أحد يعلم ماذا سيحدث في اليوم التالي للانتخابات"، مضيفًا "طالما العدو في المشهد يسيطر على كل شيء يجب أن لا تكون الآمال كبيرة والتوقعات مرتفعة".
واعتبر النخالة، أن الانتخابات تسويق للوهم، مضيفًا "هناك انقسام هائل في المجتمع الفلسطيني، وخلق أوهام، والمجلس التشريعي شكل سياسي لا قيمة له ولا اعتراف به، و الانتخابات مسرحية كبيرة".
التعليقات : 0