غزة/ قاسم الأغا:
أكّد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ماهر مزهر، أن تحقيق مصالحة وشراكة حقيقية، يبدأ من إعادة بناء وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، وصوغ استراتيجية وطنية جديدة لمواجهة المشروع الصهيوني، بعد التحلل من كل الاتفاقات الموقعة مع الاحتلال، وفي مقّدمتها اتفاق "أوسلو" وإفرازاته السياسية والأمنية والاقتصادية.
وقال مزهر في مقابلة مع صحيفة "الاستقلال" الإثنين، إن "المفهوم الحقيقي للمصالحة، يتمثّل ببناء شراكة وطنية حقيقة تنحاز لمشروع المقاومة، انطلاقًا من إعادة بناء وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية؛ لتصبح كيانًا سياسيًّا جامعًا، يمثل الكل الوطني الفلسطيني، إضافة لاعتماد صيغة الأمناء العامين للقوى والفصائل، لتكون المرجعية السياسية لشعبنا، والعمل على تشكيل مجلس وطني لمدة عام، على أن يتلو هذا العام، انتخاب مجلس وطني موّحد وجديد".
وأضاف: "إصلاح منظّمة التحرير، المدخل الأساس والرئيس لإنجاز المصالحة، إذ يجب أن تكون حركتيّ حماس والجهاد الإسلامي، جزءًا أصيلًا من تشكيل المنظّمة، بمرجعية المقاومة التي يتبّناها شعبنا الفلسطيني، وبعيدًا عن مرجعيات أوسلو، والاتفاقيات البائدة، أو ما تسمى شروط الرباعية وقرارات الشرعية الدولية".
في مقابل ذلك، يجب إلغاء اتفاق "أسلو" وإفرازاته، وتطبيق قرارات المجلسين "الوطني" و"المركزي" لمنظمة التحرير، بشأن التحلل من كل الاتفاقيات البائسة مع الاحتلال، وصوغ استراتيجية وطنية بديلة؛ لمواجهة المشروع الصهيوني، وحماية وصيانة المشروع الوطني الفلسطيني، ووفق عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية.
وفي هذا الصدد، ثمّن مزهر دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون القوى والفصائل الوطنية لعقد مؤتمر جامع لها، وللقيادة والشعب الجزائري، مشيرًا إلى أن "الجزائر، شعب المليون ونصف المليون شهيد، لم تتوانَ عن تقديم الإسناد والدعم للثورة والقضية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني".
وبيّن أن وفدًا قياديًّا من الجبهة الشعبية بالداخل والخارج، سيصل الجزائر يوم 26 يناير/ كانون الثاني الجاري؛ تلبية للدعوة الجزائرية، والبدء في حوار مع المسؤولين الجزائريين، بشأن إنجاز المصالحة الداخلية الفلسطينية.
وأكّد على أن المصالحة خيار شعبنا الفلسطيني، وإبقاء حالة الانقسام مصلحة للعدو الصهيوني وأدواته، مضيفًا: "لذلك إذا أردنا مواجهة هذا العدو، والتصدي لسرطان الاستيطان، والتهويد والأسْرَلة، وعمليات القتل، والتطهير العرقي، وتدنيس المقدّسات، والانتصار للحركة الوطنية الأسيرة، ولشعبنا في الشّتات؛ يجب أن ننحاز لمشروع المصالحة الوطنية".
وأشار إلى ضرورة توفّر إرادة جادة لدى الطبقة السياسية وفي مقدمتها حركتي "فتح" و"حماس"، والارتقاء إلى مستوى التضحيات التي يجسّدها شعبنا الفلسطيني الصامد على أرضه، في وجه انتهاكات وجرائم وإرهاب الاحتلال، وقطعان مستوطنيه المتطرفين.
والسبت، وصل وفد من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إلى الجزائر العاصمة، بدعوة من الرئاسة الجزائرية ضمن مشاوراتها لاستضافة مؤتمر للفصائل الفلسطينية.
كما أعلنت حركتا الجهاد الإسلامي في فلسطين، والمقاومة الإسلامية (حماس) تلقيهما دعوة رسمية لزيارة الجزائر؛ لبحث سُبل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني.
وقال عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة السياسية بالجهاد الإسلامي د. محمد الهندي، أن وفدًا من حركته سيغادر إلى الجزائر نهاية الشهر الجاري، استجابة للدعوة الجزائرية. وبيّن الهندي في تصريح صحفي أن اللقاءات "ستكون منفردة، ويمكن أن تتم الدعوة لإجراء حوارات فصائلية في ضوء هذه اللقاءات".
في حين، أعلنت "حماس" السبت، أن وفدًا منها سيغادر إلى الجزائر الأسبوع الجاري؛ للتباحث حول سبل إنجاح الحوار الوطني، الذي أعلن عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون.
وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس تبّون خلال مؤتمر صحفي له، عقب استقباله رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بمقرّ الرئاسة بالجزائر العاصمة، اعتزام بلاده استضافة مؤتمر "جامع" للفصائل الفلسطينية.
ونقلت قناة الجزائر (رسمية) عن الرئيس الجزائري حينئذ قوله بعد مباحثاته مع الرئيس "عباس": "قرّرنا استضافة ندوة جامعة للفصائل الفلسطينية قريبًا (دون تحديد تاريخ)"، مشيرًا إلى أن قراره جاء بعد استطلاع رأي الرئيس الفلسطيني.
ومن المقرر أن تستمع الجهات السيادية العليا في الجزائر، لرؤى وفود القوى والفصائل كلّ على حدا، وتبحث معهم كيفية إحداث اختراق حقيقي في ملف المصالحة، وإنجاح فكرة عقد جلسة جامعة (لاحقًا) يمكن من خلالها البناء على رؤية واضحة تتمثل بخطوات قابلة للتنفيذ على الأرض وتساهم في تعزيز الحوار الإيجابي ووقف التراشق الإعلامي، والعمل لتصحيح المسار.
وعقب الاستماع والبحث، ستقدم الجهات السيادية الجزائرية النتائج لمكتب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، الذي سيجتمع مع مختلف الجهات بما فيها وزارة الخارجية، وسيتصل برئاسة السلطة الفلسطينية، من أجل التقدّم بالخطوات المتوقع التوصل إليها لعقد مؤتمر جامع يحقق المطلوب منه. بحسب وسائل إعلام جزائرية.
ومنذ يونيو (حزيران) 2007، تشهد الساحة الفلسطينية انقسامًا بين حركتي "فتح" و"حماس"، إذ لم تفلح وساطات واتفاقيات عدة في إنهاء هذه الحالة حتى الآن، في وقتٍ يأمل فيه الشعب الفلسطيني إتمام وحدة وطنية حقيقية، تُعزّز مناعة الصف الوطني في مواجهة التحديّات والمخاطر التي تتهدّد قضيته وثوابتها العادلة.
التعليقات : 0