غزة/ سماح المبحوح:
خيم منصوبة ونيران مشتعلة، وحكايات الأجداد حاضرة بقوة، وشعارات وأهازيج وطنية، يصدح بها آلاف اللاجئين الذين احتشدوا على طول الشريط الحدودي في قطاع غزة، متمسكين بحقهم بالعودة إلى ديارهم، التي هجروا منها قسرا بفعل المجازر التي ارتكبها العدو الاسرائيلي بحق أجدادهم.
مشاهد وصور أراد القائمون على «مسيرة العودة الكبرى» أن يجعلوها حاضرة، يوم العودة والزحف السلمي إلى أراضيهم المحتلة، الذي يخططون لتنفيذه خلال الفترة القادمة دون تحديد موعده.
ويذكر أن مسيرة العودة الكبرى، هي مجموعة من المسيرات الجماهيرية السلمية، التي يُخطط لها لجعلها مليونية، تشمل جموع اللاجئين الفلسطينيين من شتى أماكن لجوئهم المؤقت، تجاه الداخل الفلسطيني المحتل مع التركيز على قطاع غزة، ومحاولة اجتياز الجماهير بشكل سلمي للحدود الفاصلة لتحقيق العودة التي نصت عليها القرارات الدولية.
ودعا للمسيرة ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ، بعد تدشين صفحة خاصة على فيسبوك باسم "مسيرة العودة الكبرى"، مؤكدين أن مسيرة العودة بدأت التحشيد والتعبئة الجماهيرية على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة، والتواصل مع اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات وفي كافة أماكن تواجدهم، من أجل إنجاح المسيرة، والمساهمة بإنضاج فكرة العودة في وعي الجمهور.
وأوضحوا أن كل الفعاليات الميدانية التي ستنفذ في المرحلة المقبلة بالقرب من السياج الحدودي هي ضمن مرحلة التحشيد والتعبئة وتسخين الأجواء قبل ساعة الصفر التي سيحددها الميدان.
حشد وتعبئة
عضو اللجنة التنسيقة لمسيرة العودة أحمد أبو رتيمة، أكد أن فكرة مسيرة العودة تقوم على حشد آلاف اللاجئين الفلسطينيين من كافة أماكن تواجدهم، لأقرب نقطة من ديارهم التي هجروا منها قسرا عام 1948، لافتا إلى أن المسيرة ستكون سلمية وسيرفع فيها علم فلسطين فقط ، وأسماء القرى، وقرار الأمم المتحدة 194 الذي ينص على حق العودة.
وأوضح أبو رتيمة لـ "الاستقلال"، أن الخطوة التي سيتم اتخاذها بعد تجمع اللاجئين على طول الشريط الحدودي بأماكن تواجدهم، هي الزحف داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة للعودة الفعلية لديارهم، بطريقة سلمية وقانونية، وفق قرار الأمم المتحدة 194 الذي ينص على حق اللاجئين بالعودة لديارهم.
وقال: " سيعمل اللاجئون على تنفيذ مسيرات سلمية، واجتماع لكافة العائلات والاطفال والنساء والشيوخ، للتواجد على مشارف الوطن، من أجل إرسال رسالة قوية للعالم ولدولة الاحتلال والامم المتحدة ، بأنهم لن ينسوا حقهم بالعودة بعد 70 عاما عاشوها بائسين بالمخيمات".
وأضاف: "نراهن على قوة وارادة وتصميم اللاجئين على الاحتشاد في الوقت المحدد ليوم الزحف، وبذلك يكونون قد نجحوا في ايصال رسالة قوية للعالم ولدولة الاحتلال ، بأنهم مصرون على حقهم بالعودة لديارهم المحتلة و التي لا تبعد عنهم سوى أمتار قليلة".
وبين عضو اللجنة التنسيقية، أن فكرة مسيرة العودة التي تخشاها " اسرائيل " كانت مطروحة منذ سنوات والظروف لم تسمح لتنفيذها خلال الفترة الماضية، ولكن الان تغيرت الظروف وأصبح الوقت اكثر ملاءمة لتنفيذ الفكرة من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن هذا الحراك الجماهيري انطلق وسيتصاعد لينسج خيوط العودة من آمال الشعب الفلسطيني، وتضحيات شهدائه وأسراه وجرحاه، ونضاله عبر مسيرة الكفاح الممتدة.
ورأى أن اللاجئون الفلسطينيين باتوا يدركون محدودية الخيارات أمامهم، ويدركون المخططات الدولية التي تسعي لموتهم البطيء وتصفية قضيتهم الفلسطينية، وتوطينهم بأماكن تواجدهم، من خلال "صفقة القرن".
واعتبر أن مسيرة العودة نجحت قبل أن تبدأ، بعد جعلها قضية رأي عام يتحدث بها مختلف شرائح الشعب الفلسطيني، والتفاعل القوى من قبل الفصائل الفلسطينية ، الذين استجابوا لدعوات القائمين عليها بالعمل على تحشيد وتعبئة الكل الفلسطيني.
آمال كبيرة
من جهته قال زاهر بيراوي الناشط الفلسطيني، رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار، وأحد الداعين لمسيرة العودة الكبرى، إن " الوقت حان كي يمارس اللاجئون الفلسطينيون حقهم بالعودة الى ديارهم، بعد أن فقدوا الأمل بالحراك السياسي ومحاولات الحل لقضيتهم خلال العقود السبعة الماضية".
وأضاف بيراوي في تصريح له إن: " اللاجئين لهم كل الحق بالبدء بمشوار العودة السلمية تحقيقا للقرارات الدولية التي تعطيهم هذا الحق، وفِي مقدمتها القرار ١٩٤، وعبر المسيرات السلمية الكبرى".
وشدد بيراوي على أن هذه المسيرات " ستكون سيرًا على الأقدام وبصدور عارية وآمال كبيرة بأن يلثم اللاجئون تراب وطنهم وأن يستعيدوا كرامتهم ويحققوا حلمهم وحلم آبائهم وأجدادهم بالعودة.
مخطط لتصفية اللاجئين
بدوره أكد عصام عدوان رئيس دائرة شئون اللاجئين في حركة حماس، على وجود مخطط دولي تقوده أمريكا و" اسرائيل"؛ لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين بأماكن تواجدهم، لافتا إلى أن اللاجئين الفلسطينيين، يعيشون أوضاعاً وظروفاً صعبة للغاية.
وشدد على أن اللاجئين الفلسطينيين بقطاع غزة يعيشون حصاراً مشدداً وفقراً وبطالة، وكذلك المتواجدين بالضفة إذ أن " اسرائيل " تحاول الاستيلاء على 60% من الأراضي الفلسطينية لكي لا تبقى لهم مجالا للانتشار والتوسع، مشيرا إلى أن اللاجئين بالدول العربية، لا يختلف حالهم كثيرا، إذ إن المخطط الدولي يقضى بتهجير اللاجئين المتواجدين بسوريا وتوطينهم بأوروبا وأمريكا الجنوبية، بعد احالة ملفهم للمفوضية السامية.
ونوه إلى أن حال اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية و سوريا، لا يختلف كثيرا عن اللاجئين المتواجدين بلبنان والأردن، إذ تمارس الأنظمة الحاكمة ضدهم، انتهاكات وقوانين صارمة، لتعمل على تشتيتهم وتوطينهم في دول أخرى.
وفيما يتعلق بمسيرة العودة رأى أنها ستربك حسابات العالم كافة و حسابات الاحتلال الاسرائيلي خاصة، إذ ستعيد الاعتبار لمفردات القضية الفلسطينية، كحق العودة وتقرير المصير وقضية استمرار عمل "الاونروا"، لخدمة اللاجئين، مشددا على أن العالم سيدرك أن مخططاته ستفشل أمام إرادة وتصميم اللاجئين بالعودة لديارهم.
وقال: " مسيرة العودة استجابة منطقية، وبرهان لأمريكا على أن تقديرات خاطئة، حين اعتقدت أن الشعب بات جاهزاً لتمرير مؤامراتها"، مضيفا " أن الشعب يمتلك مخزوناً كبيراً من التحدي والوقوف ضد كافة المخططات الدولية التي تحاك ضده".
واعتبر أـن خطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بثت القلق داخل الفلسطينيين، وجعلتهم يشعرون أن قضيتهم مستهدفة، لذا أصروا على التحرك، والمضي قدما من أجل استعادة حقهم بالعودة لديارهم.
دور الفصائل والقوى
بدورها رحبت الفصائل الفلسطينية والقوي الوطنية والإسلامية بتنظيم مسيرات حدودية حاشدة على حدود قطاع غزة؛ رفضا لقرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس، وللضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر.
واتفقت الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية على برنامج فعاليات وأنشطة، تلتقي أهدافها مع أهداف القائمين على مسيرة العودة، إذ تبدأ بتحشيد الحالة الجماهيرية، من أجل تحميل الاحتلال الإسرائيلي مسئولياته، وممارسة حق العودة من خلال اجتياز خط التماس، ثم نصب خيم العودة قرب السياج الفاصل مع قطاع غزة.
التعليقات : 0