رأي الاستقلال (العدد 2699)
تداعت دول عربية عدة لعقد قمم ثنائية وثلاثية وبأعداد مختلفة لمناقشة العديد من القضايا العربية, وكلها قمم تعرض تحت شعار القضية الفلسطينية, فبعد قمة الجزائر التي افرغها الرسميين العرب من مضمونها, عقدت مؤخرا قمة ثلاثية في القاهرة بمشاركة السلطة الفلسطينية والاردن, القمة جاءت لمناقشة المستجدات التي تشهدها المنطقة والاخطار التي تتعرض لها القضية الفلسطينية حسب الأردن التي دعت الى هذه القمة, بعد الازمات الشديدة التي باتت تعصف بالساحة الأردنية, والانتقاد الفعلي والعملي من الشارع الأردني لسياسة الملك الأردني عبد الله بن الحسين, وتدني مستوى المعيشة وزيادة الازمات الاقتصادية, ومع رفض دخول السفير الأردني لدى الاحتلال غسان المجالي المسجد الأقصى في خطوة تصعيدية من الحكومة الصهيونية تجاه المملكة الأردنية التي ادركت ان هناك نوايا لدى الاحتلال لسحب الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى واهدائها للملكة العربية السعودية التي تسعى اليها بقوة, مقابل التطبيع مع «إسرائيل» وإقامة التحالفات والاتفاقات الثنائية الإسرائيلية السعودية, الأردن بدأ يتململ من السياسة الإسرائيلية تجاهه لذلك دعا الى هذه القمة الثلاثية التي احتاجتها السلطة الفلسطينية أيضا, بعد ان اقتطعت «إسرائيل» المزيد من أموال المقاصة لصالحها, الامر الذي زاد من معاناتها المالية, والدعوات الصريحة لوزراء حكومة الصهيونية الدينية لأجل طرد السلطة من الضفة الغربية المحتلة, بعد ان لجأت للمؤسسات الدولية لمحاسبة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم بحق الفلسطينيين, وتحديد الأراضي التي تحتلها «إسرائيل» لمنعها من تمرير مخططها الهادف لضم الضفة المحتلة لما يسمى بدولة «إسرائيل» بعد تواتر المعلومات عن نوايا سلطات الاحتلال لإخلاء الخان الأحمر من سكانه الفلسطينيين, كان لا بد من مشاركة ورعاية مصر كأكبر الدول العربية في هذا اللقاء الثلاثي ليمثل ورقة ضغط على «إسرائيل».
الاجتماع الثلاثي خلص الى ضرورة الحفاظ على الحقوق الفلسطينية المشروعة واستمرار جهودهم المشتركة لتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم على أساس حل الدولتين، وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية, وشدد القادة على ضرورة توفير المجتمع الدولي الحماية للشعب الفلسطيني, كما أكدوا ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية, والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبما يضمن احترام حقيقة أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما وهو مكان عبادة خالص للمسلمين، كما أكد السيسي وعباس على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس ودورها في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية, وهذا احد اهم مساعي الأردن لعقد هذا الاجتماع, لوقف أي مسعى إسرائيلي لنقل الوصاية للمملكة العربية السعودية, وبما ان نتائج هذا الاجتماع لم تخدم اهداف كل الدول العربية فقد تبعها قمة أخرى في أبو ظبي حيث استضافت العاصمة الإماراتية أبو ظبي، قمة عربية مصغرة، بحثت التطورات الإقليمية والدولية والتحديات التي تشهدها المنطقة سياسيا وأمنيا واقتصاديا, بمشاركة مصر، وقطر، والبحرين، والأردن، وعمان، إضافة إلى الشيخ محمد بن زايد، بغياب سياسي للسعودية والكويت, والهدف الرئيسي من مثل هذه القمة هو التشديد على أهمية الالتزام بقواعد حسن الجوار واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية, لان هناك دول عربية قادمة على خطوات تحالفية مع حكومة نتنياهو المتطرفة, والتخلي تماماً وبشكل معلن عن القضية الفلسطينية, الامر الذي يؤسس لسياسة عربية منفردة وفق مصالحها الخاصة.
وتستضيف العاصمة الليبية طرابلس، اجتماعاً لوزراء الخارجية العرب، يُرجَّح أن يشهد غيابات بارزة وكثيرة لعدد من الدول العربية على رأسها مصر، فقد بات من الواضح ان هناك تبايناً في المواقف بين الدول العربية تتسع فجوته شيئا فشيئا، وهذا التباين والخلاف تجذر بشكل كبير في اعقاب اقدام العديد من الدول العربية على التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي يسعى جاهدا لإضعاف العرب من خلال بث عناصر الفرقة بينهم، وتباعد مواقفهم، وتبعيتهم للغرب ولإسرائيل، يبدو ان العرب لا يجيدون استغلال حالة الضعف التي تمر بها «إسرائيل» اليوم في ظل الزلزال الذي يضرب الجبهة الداخلية الصهيونية, وخروج عشرات الاف الإسرائيليين للتظاهر ضد نتنياهو وحكومته وسعيه لسن قوانين قضائية تجنبه ووزراء حكومته الملاحقة القضائية, حيث اضطر نتنياهو امام قوة حراك المعارضة الإسرائيلية لإقالة رئيس حزب “شاس” المجرم المتطرف، أرييه درعي، من منصبه كوزير للصحة والداخلية امتثالا لقرار المحكمة العليا وبعد مطالبة المستشارة القضائية للحكومة الصهيونية بتنفيذ القرار, نتنياهو المأزوم الذي ارجأ زيارته الى الامارات العربية مرات عدة, بسبب الاحداث الساخنة والتظاهرات العارمة ضد حكومته, يبحث اليوم عن مخرج لأزماته, ويرى في الدول العربية غنيمة له ولحكومته, لذلك بحث ووفد من الكونغرس الأمريكي، سبل توسيع اتفاقيات التطبيع -ابراهام-، مع الدول العربية, وتحدث عن «الشراكة القوية بين الدول الأعضاء في الاتفاقيات: (إسرائيل)، وامريكا، والإمارات، والبحرين، والمغرب، وإمكانية توثيق التعاون في جميع المجالات» وهذه نتيجة طبيعية لقمم عربية اثنية بلا معني او مضمون وظفت للتخلي عن كل اشكال الدعم للقضية الفلسطينية, وتعزيز سياسة الارتماء في حضن إسرائيل الملتهب بالفاشية.
التعليقات : 0