نزار حسين راشد
أن يأتيهم الله من حيث لم يحتسبوا فهذا أول المؤشرات على البعد الرباني في عملية النبي بعقوب. جاء الردّ سريعاً على الاقتحام الإسرائيلي لمخيم جنين، وعلى غفلة ودون إمهال، وفي عقر صياصيهم وأشدها حصانة، كنيست يهودي وعلى مشارف القدس، وليس مكانا عامّاً أو مفتوحاً، بل في أخص الخصوصيات وأكثرها التحاماً بالسياسة الإسرائيلية وتعبيراً عنها الا وهو البعد الديني الصارخ الذي قرر نتنياهو ارتداء مسوحه والاختيال بها في ردهات السياسة ، وفي حكومة يتصدر عضويتها الحاخامات المتطرفون، وهذا الأمر لا يقرأ إلا بطريقة واحدة: إنها يد الله، وبتواتر المؤشرات، أولها حضور بن غفير بوجه مكفهر مسود عليه من غضب الله ما عليه.
ترجمة عملية للآية الكريمة” ليسوؤوا وجوهكم” أما المؤشر الآخر فهو تساوي العددين الشهداء في المخيم والقتلى في العملية 10 مقابل 10، ولا أدل على ذلك من مسارعة الخارجية الإسرائيلية للتراجع عن تصريحهم الأخير وإنقاص العدد إلى7، فهم مرعوبون تماماً من فكرة الرد المكافئ لأن هذا ما يسمونه في علم الحساب نقطة الافتراق بعد التساوي”break even point”، بمعنى أن الفارق سيتسع مستقبلاً لصالح الفريق الذي نجح في الوصول لنقطة التكافؤ، وهذا هو البعد الذي أبدت إسرائيل خشيتها منه وحاولت تفنيده بالسخرية منه، منذ بدأ الشيوخ وعلى رأسهم الشيخ بسام جرار ومن جنين معقل المقاومة، في تحديد تاريخ لزوال إسرائيل، ولا يخفى أن اختلال الميزان وتفاضل الكفتين لغير صالح الصلف الإسرائيلي وخاصة بوجهه الديني هو مؤشر على صدق الحسابات.
منذ خيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم زعيم خيبر حيي بن أخطب بين الإسلام وبين القتل فاختار القتل مما دعا رسول الله لنصحه لا بل والتعجب من خياره فكانت إجابته: كتاب وملحمة كتبها الله علينا، فالعقلية الدينية اليهودية هي عقلية جبرية تؤمن بالحتميات، لا بل توفر الأسباب لوقوعها وتدفع عربتها على طريق الوصول، ولا يمكن قراءة السياسة الإسرائيلية إلا على هذا الضوء، والذي تبدو من غيره لا عقلانية ولا منطقية وخارج كل الحسابات.
أما خيري علقم فهو قرع مؤلم للذاكرة الإسرائيلية، فلعله أول عباد الله المبتعثين أولي البأس الشديد فأن تقتل كل هذا العدد وتصيب العدد الآخر منفرداً وبمجرد مسدس، فهذا لعمري لهو البأس الشديد، وصدق الله العظيم، وسيصدق الوعد فلا يخلف الله وعده والله الموفق. وعلى الله قصد السبيل.
التعليقات : 0