أمهات الشهداء يُضمدن جروحهن النازفة بطريقتهن الخاصة

أمهات الشهداء يُضمدن جروحهن النازفة بطريقتهن الخاصة
سياسي

غزة/ دعاء الحطاب:

من نابلس جبل النار، انطلقت كوكبة من أمهات الشهداء لزيارة بيوت العزاء في مُخيم الصمود "جنين"، ليُقدمن التهاني ويربتن على قلوب أُمهاتٍ أُخريات فجعن بفلذات أكبادهن، ويشاركهن مصابهن، ليكن بمثابة ضماد لجروحهن النازفة، فلا يمكن لأحد أن يشعر بأم فقدت ابنها إلا أمّ أخرى ذاقت الألم ذاته.

 

وفي جنين حيث لا زالت تنزف كل يوم بين شهيد وجريح وأسير، استقبلت بيوت شهداء المجزرة "الإسرائيلية" التي ارتكبتها قوات الاحتلال الخميس الماضي بالمخيم، وأسفرت عن استشهاد 10 فلسطينيين، وإصابة 20 آخرين، وفد أمهات شهداء نابلس.

 

وبوصولهن، أشرقت وجوه أمهات شهداء جنين واستعدن قوتهن وبادرن للخروج إليهن واستقبالهن والترحيب بهن، في أجواء مفعمة بالحماسة والهتاف الرافع للمعنويات.

 

مبادرة جميلة

 

"جئن دواءً لجُرحنا النازف، وشفاءً لقلوبنا المكلومة، جئن ليُثبتن أن ألمنا هو ألم الوطن بأكمله"، هكذا وصفت "ألاء" شقيقة الشهيد صائب زريقي، زيارة أمهات الشهداء الى منزل عائلتها لتهنئتهم بعرس الشهادة.

 

وتقول زريقي خلال حديثها لـ "الاستقلال":" أن زيارة أمهات الشهداء خطوة جميلة جداً وعزيزة علينا، تؤكد أن ألمنا ومصابنا واحد، وأن دم الشعب الفلسطيني وحد كُل فلسطين من الشمال للجنوب"،

 

وأضافت:" مبادرة أمهات الشهداء رفعت من معنوياتنا وأشعرتنا بالفخر والاعتزاز، كما تركت في نفوسنا أثراً كبيراً لا يُمكن نسيانه أو وصفه، فهي بمثابة تضامن وتخفيف لحدة الوجع والألم والقهر الذي اغتال قلوبنا".

 

وأوضحت أنه لم يكن مستغرباً حضور أمهات شهداء نابلس للوقوف إلى جانب أمهات شهداء جنين ومساندتهن بمصابهن، لأنهن قدمن أبناءهن وفلذات أكبادهن وشعرن بذات الألم، حتى أصبحن رموزاً للصبر والتضحية، مستدركة:" أبناؤنا هم أبناء فلسطين، وجميعنا فداءً لفلسطين".

 

ولم تكن المواساة فقط من أمهات الشهداء، فقط كانت عملية القدس التي نفذها الشاب خيري علقم بمستوطنة النبي يعقوب، والتي أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة آخرين، بمثابة الثأر الشافي لجرحهن، وقد حولت بيوت العزاء الى بيوت فرح، تعلو بها الزغاريد وتُوزع الحلوى. وفق شقيقة الشهيد.

 

ألم واحد

 

"لا يشعر بألم الفراق إلا من ذاق ناره، ولا يقدر على شفاء وجع والدة الشهيد إلا أمٌ مثلها سبقتها بتقديم فلذة كبدها"، من هذا المُنطلق تعهدت والدة الشهيد أم ابراهيم النابلسي، هدى جرار، بزيارة أمهات الشهداء بكافة أنحاء الضفة الغربية، لتعزيز صمودهن وتضميد جراحهن النازف. وفق قولها.

 

وتضيف النابلسي خلال حديثها لـ "الاستقلال":" أن أمهات الشهداء هن الأقدر على تخفيف وطأة الحزن الذي ينتاب أمهات أخريات فجعن بفلذات أكبادهن، ورفع معنوياتهن واعطائهن دفعة للأمام، لأن الوجع واحد".

 

وتتابع:" عندما ترى والدة الشهيد مثيلاتها يقفن إلى جانبها وهن مُحتسبات صابرات قويات، تكتسب مزيداً من القوة والصبر والقدرة على التحمل"، مؤكدةً أن الأثر الذي تتركه أم الشهيد أقوى من أي أثر يمكن أن تتركه امرأة أخرى، كون الألم واحد ولا يشعر به إلا من اكتوى بناره.

 

وأوضحت أن مبادرة تزرع الحب والمُودة بين أمهات الشهداء، وتمدهن بالقوة وتُرسخ فيهن تعاليم الديانة الاسلامية، امتثالاً لقول الرسول "عليه الصلاة والسلام": " مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى".

 

وأشارت الى أن مبادرة شخصية منها، حيث تتجمع مع عدد قليل من أمهات الشهداء بنابلس ويلتقين بأمهات الشهداء في باقي المناطق، ومن ثم ينطلقن لتقديم التهاني في بيوت العزاء.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق