زلزال تركيا وسوريا.. رائحة الموت تلاحق الفلسطينيين وتدفن أحلامهم تحت الركام

زلزال تركيا وسوريا.. رائحة الموت تلاحق الفلسطينيين وتدفن أحلامهم تحت الركام
سياسي

غزة/ سماح المبحوح:

في منزلهما المتواضع شمال قطاع غزة، يقلّب محمد أبو جلهوم صور شقيقه عبد الكريم وزوجته وأطفاله الأربعة عبر هاتفه، وصولا إلى صور منزلهم الجديد، الذي أصبح أثر بعد عين جراء الزلازل القوي الذي ضرب تركيا فجر الاثنين، ليحول فرحتهم إلى مآساة كبرى. 

 

أبو جلهوم الذي استفاق على كابوس أشبه بحلم سيرافقه طوال العمر، خسر شقيقه وزوجته وأطفالهم الأربعة، بزلزال مدمر ابتلع شقتهم في منطقة أنطاكيا جنوب تركيا.

 

سنوات طويلة كان الانترنت وسيلة محمد للتواصل مع شقيقه الذي اختار السفر والغربة بحثا عن حياة كريمة توفر له ولأفراد عائلته الاستقرار، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لقطاع غزة.

 

ويقول:" 12 عاما لم أر شقيقي عبد الكريم وجها لوجه، كان التواصل الدائم والوحيد بيننا عبر مجموعة على الواتس أب التي تجمع أفراد العائلة جميعهم".

 

ويضيف:" الساعة العاشرة مساء الأحد، أي قبل وقوع الزلزال بنحو 5 ساعات أنهيت حديثي مع شقيقي وأبنائه نورا وبراء وكنزي ومحمد في ظل أجواء سعيدة، على أمل أن يبزغ فجر اليوم التالي ونعيد تواصلنا كالمعتاد".

 

فرحة لم تكتمل

 

ويتابع والحزن يملأ صوته:" انتقل شقيقي وزوجته وأبناؤه لبيتهم الجديد قبل 13 يوماً، بعد أن كانوا يقطنون في منزل آخر أقل دفئا عليهم"، مشيرا إلى أن شقيقه كان على موعد من استلام أوراقه الثبوتية كلاجئ معترف به لدى السلطات التركية والأمم المتحدة، بعد أن قدم لجوءاً إنسانياً.

 

وتتعدد المحن والمصائب التي يعيشها آلاف اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات، فبعضهم يبتلعهم البحر، وبعضهم الغابات، وآخرون الزلازل في باطن الأرض، وفق أبو جلهوم.

 

واستيقظت كل من تركيا وسوريا، فجر الإثنين، على وقع زلزال مدمر بلغت قوته 7.9 درجة بمقياس ريختر.

 

ولم تستقر بعد حصيلة ضحايا الزلزال، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، إضافة إلى انهيار عدد كبير من المباني وحصار العشرات تحت الأنقاض. وتزامن الزلزال مع عاصفة ثلجية وتساقط الأمطار، ما زاد من هول الكارثة، إذ واجهت فرق الإنقاذ صعوبات في الوصول إلى الضحايا، لا سيما في الشمال السوري.

 

وتعتبر هذه الهزة الأرضية هي الأشد على تركيا منذ زلزال أرزينجان عام 1939، بحسب ما ذكره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث أودى حينها بحياة أكثر من 32 ألف شخص.

 

وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، أمس الثلاثاء، خلال مؤتمر صحفي إن عدد القتلى جراء الزلزال ارتفع إلى 3419، ليرتفع العدد الإجمالي بما في ذلك الضحايا في سوريا إلى ما يزيد على 5000 قتيل.

 

وأضاف أن سوء الأحوال الجوية جعلت من الصعب تقديم المساعدة في المناطق المتضررة وإجراء عمليات الإنقاذ.

 

وحذرت منظمة الصحة العالمية، أمس الثلاثاء، من احتمال تضرر ما يصل إلى 23 مليون شخص من الزلزال المدمر الذي أودى بحياة الآلاف في تركيا وسوريا.

 

توقعات بارتفاع العدد

 

سفير دولة فلسطين لدى تركيا فائد مصطفى، أكد وفاة 57 لاجئاً "حتى اعداد التقرير" من أبناء الشعب الفلسطيني في شمال سوريا وجنوب تركيا جراء الزلزال المدمر الذي ضرب البلدين.

 

وأشار السفير مصطفى لـ "لاستقلال" إلى تضرر المئات من العائلات الفلسطينية في مناطق جنوب تركيا وهي:" هاتاي، كهرمان مرعش، أضنة، غازي عنتاب"، سواء بخسائر بشرية أو مادية.

 

ولفت إلى وفاة عائلة المواطن محمد باسل السيد وزوجته وابنتهم وحفيدتهم، كذلك عائلة أمجد القاضي وزوجته، والمواطن عبد الكريم أبو جلهوم وزوجته وأبنائه الأربعة، والمواطن محمد وليد أبو كاشف وابنه وابنته في مناطق غازي عنتاب وأنطاكيا وأظنة جنوب تركيا.

 

وأكد وفاة اللاجئ محمد صالح الأبطح وزوجته وابنته واثنين من أحفاده من سلقين بمحافظة إدلب شمال غرب سوريا، واللاجئ إسماعيل عبد الرازق موسى وأطفاله الثلاثة، واللاجئ عبد الله عارف أحمد وزوجته وأطفاله الأربعة في منطقة جنديرس شمال حلب، واللاجئ يوسف سليمان غازي وزجته وابنتيه في المنطقة نفسها.

 

وتوقع ارتفاع عدد الوفيات والمصابين بالجالية الفلسطينية في كل من تركيا وسوريا، جراء استمرار فرق الأنقاذ بالبحث عن ناجين ومفقودين تحت الركام.

ودعا السفير الفلسطيني أبناء الجالية في تركيا وسوريا، متابعة التعليمات الصادرة عن السلطات المحلية التركية والسورية، والتوجه لمراكز الايواء التي وفرتها البلدان لمن فقدوا منازلهم، كذلك أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، مؤكدا أن السفارات تعمل على مدار الساعة لتقديم الخدمات الإنسانية لأبناء الجالية في البلدين، حيث انطلقت حملات واسعة في محاولة لتخفيف الأعباء عنهم.

يشار إلى وقوع ثلاثة مخيمات فلسطينية ضمن دائرة الزلزال، وهي: مخيم الرمل في اللاذقية، ومخيم النيرب، ومخيم حندرات في حلب، إضافة إلى تجمعات فلسطينية متفرقة في المحافظات الشمالية بسوريا.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق