رأي الاستقلال (العدد 2716)
رغم ان "إسرائيل" تمارس سياسة القتل بشكل ممنهج, وترتكب المجازر تلو المجازر بحق الفلسطينيين, وتمارس سياسة العقاب الجماعي ضدهم, فتحاصر المدن والمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة, وفي القدس, الا ان هذا الفعل الاجرامي النازي لم يفت في عضد المقاومة, ولم يدفع شعبنا الى الاستسلام والهوان, حتى وان تخلى عنه الجميع, فطبع المطبوعون, ونسق المنسقون وتعاونوا امنيا مع "إسرائيل" الدولة المارقة التي تعيش على القتل وسفك الدماء وازهاق الأرواح, "إسرائيل" قتلت اول امس فتى فلسطينياً في نابلس بعد ان ارتكبت مجزرة بشعة في اريحا ارتقى خلالها خمسة شهداء فلسطينيين, لتبلغ حصيلة الشهداء منذ بداية العام الجاري 42 شهيدا، بينهم 9 أطفال إضافة إلى سيدة مسنة، وبالأمس أصيب فلسطينيان أحدهما بجروح خطيرة، برصاص قوات الاحتلال الصهيوني خلال اقتحام مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة, ففي الأسبوع الأول من شهر فبراير استشهد 7 فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية ومدينة القدس، 5 منهم في مخيم عقبة جبر بمدينة أريحا’ فيما لا تزال المقاومة حاضرة بكل قوة تشاغل الاحتلال وتلحق به الخسائر المادية والبشرية، وتتسع رقعة المقاومة من جنين الى نابلس الى الخليل، وصولا الى اريحا ومخيم عقبة جبر, حيث سجلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، 18 عملاً مقاوماً، من ضمنها 7 عمليات إطلاق نار، وتفجير عبوة ناسفة، واندلاع المواجهات في 9 نقاط, وشهدت الضفة اشتباكات متكررة وإطلاق نار وإلقاء عبوات ناسفة على قوات الاحتلال خلال اقتحام بلدة برقين، وإطلاق النار على حاجز الجلمة, كما شهدت إطلاق النار على قوات الاحتلال خلال اقتحام حي المساكن الشعبية وعلى حاجز بيت فوريك, ومستوطنة شافي شمرون في محافظة نابلس، ومستوطنة كرمي تسور في الخليل.
تنوع اشكال المقاومة في الميدان هو الذي يربك الاحتلال، وهناك قراءة "إسرائيلية سوداوية" من محللين صهاينة للمشهد القادم, فهم يتوقعون زيادة في الفعل الجهادي خاصة مع حلول شهر رمضان المعظم، فالاحتلال يقدر ان عمليات القدس الاخيرة سيكون لها تداعياتها على اتجاهات الاوضاع، على صعيد الوضع الميداني في الضفة الغربية والقدس، والتي ستشهد المزيد من عمليات قوات الاحتلال، وسيجري التركيز على اهداف نوعية، والتخوف الاهم سيكون في احتمالية تنفيذ المستوطنين عمليات ارهابية ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس. وسيحتاج نتنياهو الى خبرته السياسية في اجتماع الكابينيت لمنع قادة الائتلاف الحكومي من جر "إسرائيل" إلى صراع أوسع، والحفاظ على الهدوء قبل رمضان، في ضوء الأزمة الداخلية، والضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية حسب محللين سياسيين صهاينة, "إسرائيل" التي تبحث عن مشهد للنصر يمكنها ان تسوقه على الإسرائيليين, فتقوم مثلا ببناء مستوطنة «حانون» قرب حدود قطاع غزة، تحدياً للمقاومة الفلسطينية وانها لا تخشى التصعيد معها بشكل مباشر في ظل إعلانها بشكل واضح أنها لن تقبل تمرير مثل هذه القرارات, لكنها في نفس الوقت تحرك الوسطاء نحو التهدئة, وتسعى لابرام صفقة تبادل للأسرى, ويحاول نتنياهو كما ذكرت مصادر عبرية تجنب معركة مع الفلسطينيين غير مضمونة النتائج, خاصة بعد ان نقل وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن رسالة من رئيس الإدارة الامريكية جو بايدن بايلاء الحرب الروسية الأوكرانية اهتماما خاصا, والاهتمام بالملف النووي الإيراني, الذي يصر نتنياهو على افشال أي اتفاق للتوقيع على عليه, وهذا يتماشى مع رغبة نتنياهو وجموحه المتعاظم بإفشال الاتفاق, والاستمرار في سياسة التطبيع مع الدول العربية .
المشهد الفلسطيني مختلف تماما, فهناك حاضنة شعبية قوية تتلاحم مع المقاومة، وفصائل فلسطينية مؤمنة تماما بمقاومة الاحتلال ومشاغلته في كل مكان وفي أي وقت، وهى وجهت رسالتها لإسرائيل بأنه لا فكاك من استمرار وتنامي وتكثيف الفعل المقاوم، ومهما فعلتم فإننا نؤمن ان خيار المقاومة هو الخيار الاستراتيجي والوحيد لانتزاع حقوقنا من بين انيابكم بالقوة والعزيمة والاصرار, ان لكم أيها المجرمون الصهاينة في الحياة ان تقولوا لا فكاك من قبضة المقاومة, وملاحقتها لكم ولجنودكم ومستوطنيكم حتى تنجلوا عن ارضنا الفلسطينية المغتصبة. وان لكم موعدا لن نخلفه، موعد مع معركة النصر والتحرير التي نؤمن بها تماما, والتي بشرنا المولى عز وجل بها, قناة "كان 11" العبرية، ذكرت أن عشرات الإنذارات بتنفيذ العمليات وصلت أروقة الأمن الإسرائيلية وخاصة بعد عمليات الجيش في جنين وأريحا، "حيث يستعد الجيش لسيناريو تصعيد كبير خلال الأسابيع القادمة, حيث يخشى امن الاحتلال من امتداد التصعيد في رمضان إلى أبعد من مناطق الضفة ويصل إلى شرقي القدس، كما يخشى من تحول موجة التصعيد إلى انتفاضة عارمة, وقالت القناة إن مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ويليام بيرنز حذر خلال زيارته قبل أسبوعين للكيان الصهيوني من أن الوضع الأمني الراهن يشبه الفترة التي سبقت اندلاع انتفاضة الأقصى في عام 2000. ما يعني ان "إسرائيل" عليها الاستعداد لمعركة طويلة مع الفلسطينيين لها اشكال عدة, فقد تكون انتفاضة شعبية عارمة, وقد تكون انتفاضة مسلحة, فالشعب ومقاومته لا يستطيع تحمل انتهاكات وجرائم الاحتلال دون ان يرد, فلا فكاك من الشعب ومقاومته الا بالنصر والتمكين.
التعليقات : 0