غزة/ دعاء الحطاب:
لا تدَخر حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو، جهداً لتكريس واقع جديد في الضفة الغربية المحتلة وتطبيق الضم الفعلي لأراضي الضفة وذلك من خلال تعزيز الاستعمار وتسريع وتيرته وإقرار المزيد من المخططات الاستيطانية.
ويُناقش الائتلاف الحكومي الإسرائيلي طرح مشروع "قانون الانفصال" الذي ينص على إلغاء الانسحاب الإسرائيلي من أربع مستوطنات شمال الضفة الغربية عام 2005، والسماح بعودة المستوطنين لتلك المستوطنات.
وقال موقع "0404" الإسرائيلي، أمس، إن اللجنة الوزارية لشؤون التشريع ستناقش القانون الأحد القادم، على أن يُطرح على الكنيست للتصويت التمهيدي عليه وسط الأسبوع، حيث يحظى القانون بدعم كافة أقطاب الائتلاف وأجزاء من المعارضة.
وتسعى حكومة الاحتلال لتسريع المصادقة على القانون بعد المهلة التي منحتها لها المحكمة العليا للرد على الالتماس المقدم، والذي يطالب بهدم المدرسة الدينية في مستوطنة "خوميش" المخلاة قرب قرية برقة شمال غربي نابلس.
بينما نقل عن "بيني غال" وهو من مؤسسي المدرسة الدينية في مستوطنة "خوميش" قوله: "إن المصادقة على قانون العودة لمستوطنات شمال الضفة هو الرد الحقيقي لجولة التصعيد الحالية"، معربًا عن ثقته بقدرة الحكومة الحالية على تمرير القانون.
في حين عبّرت وزارة الخارجية الأميركية، بداية الشهر الماضي، عن معارضة واشنطن مساعي الحكومة "الإسرائيلية" لتعديل "قانون فك الارتباط" من أجل شرعنة البؤرة الاستيطانية "حوميش" وإقامة مدرسة دينية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركيّة، نيد برايس، حينها إن "البؤرة الاستيطانية "حوميش" غير قانونية حتى بموجب القانون الإسرائيلي".
وأضاف أن "دعوتنا لتجنب الإجراءات الأحادية الجانب، تتضمن بالتأكيد أي قرار بإقامة مستوطنة جديدة أو إنشاء بؤر استيطانية غير قانونية أو البناء من أي نوع في عمق الضفة أو بالقرب من التجمعات الفلسطينية أو على أراض فلسطينية خاصة".
شرعنة البؤر الاستيطانية
المختص في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، يرى أن طرح مشروع قانون إلغاء الانسحاب الإسرائيلي من مستوطنات شمالي الضفة عام 2005، والسماح بإعادة احتلال المستوطنين تلك المنطقة، يأتي في سياق تعزيز الاستيطان ومُحاولة شرعنة كافة البؤر الاستيطانية.
وأوضح حنتش خلال حديثه لـ "الاستقلال"، أن سلطات الاحتلال سابقاً قسمت البؤر الاستيطانية الى ثلاثة أقسام وهي: "بؤر استيطانية شرعية، وبؤر قيد الدراسة، وبؤر مُجمدة لحين الانتهاء من دراسة المرحلة الثانية"، والآن يُحاول الائتلاف الحكومي الجديد شرعنة جميع البؤر الاستيطانية ومن ثم تحويلها الى مستعمرات استيطانية كبيرة.
ونوه الى أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تملك زمام القرار السياسي فيما يتعلق بملف الاستيطان، فالمستوطنون ومجلس المستوطنات بالضفة الغربية المسمى "شعت" هم من يتحكموا بالقرار.
وحذر حنتش من التداعيات الخطيرة المُترتبة على تطبيق القانون وإعادة تسكين المستوطنين في البؤر الاستيطانية التي تم اخلائها سابقاً، والتي تتمثل بـ "مُحاصرة الفلسطينيين بالمستعمرات الاستيطانية ومنعهم من التمدد الافقي بالمباني والتوسع السكاني، وحرمان المواطنين من الثروة الزراعية ومصادر المياه بالمنطقة، إضافة الى مُصادرة مساحات واسعة لصالح التوسع الاستيطاني".
وشدد على أن صمت المُجتمع الدولي اتجاه "إسرائيل" واعتبارها دولة فوق القانون، يُشجعها على التمادي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات والجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتعميق مُخططاتها الاستعمارية والاستيطانية غير الشرعية بمُختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة.
تطبيق فعلي للاتفاقية الائتلافية
وبدوره، أكد مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية المحتلة غسان دغلس، أن حكومة بنيامين نتنياهو اليمينة المتطرفة تُغذي التصعيد الحاصل بالضفة الغربية من خلال تكثيف عمليات جيش الاحتلال وقراراتها بشأن توسيع الاستيطان.
وقال دغلس خلال حديثه لـ "الاستقلال":" أن حكومة الاحتلال الجديدة تسعى لإقرار مشروع قانون يهدف إلى شرعنة البؤرة الاستيطانية العشوائية "حوميش" التي تم إخلائها في إطار خطة الانفصال عن غزة وشمال الضفة العام 2005، في مٌحاولة لإرضاء اليمين المُتطرف والشارع الاسرائيلي عبر تنفيذ وعودها الانتخابية".
ونوه الى أن قرار المشروع يأتي في إطار التطبيق الفعلي لبنود الاتفاقية الائتلافية بين الليكود بزعامة نتنياهو، و"عوتسما يهوديت" برئاسة الكاهاني، إيتمار بن غفير، التي تنص على شرعنة 65 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية المحتلة، خلال 60 يوماً من تنصيب حكومة بنيامين نتنياهو.
وتشمل بنود الاتفاقية على "تسوية الأوضاع القانونية" لـ 65 بؤرة استيطانية عشوائية، وتوصيلها بالمياه والكهرباء والبنية التحتية الخليوية وتعزيزها بـ "تدابير أمنية"، وتعديل قانون الانفصال عن غزة، و"قانون جنوبي" موسع بقواعد الجيش الإسرائيلي لمنع سرقة الأسلحة من قواعد الجيش ولحماية الجنود.
كما تتضمن بنود الاتفاقية، قانون يفرض حدا أدنى من العقوبات على "الجرائم الزراعية" وجرائم "الخاوة"، وتسريع إجراءات التخطيط وإنشاء طرق التفافية (للربط بين المستوطنات بالضفة المحتلة)، وتوسيع شارع 60 وتخصيص الميزانيات اللازمة لذلك بقيمة تتراوح بين مليار ونصف المليار شيكل، إضافة لشرعنة البؤرة الاستيطانية "أفيتار" وعقد جلسة للحكومة فيها.
وأوضح دغلس، أن حكومة الاحتلال ستُحاول العودة الى مستوطنة "حوميش" بشكل تدريجي في ظل الرفض الأمريكي لقانون "فك الارتباط"، من خلال السماح بتواجد يهودي هناك للدراسة في معهد ديني توراتي، ومن ثم التوسع بهدوء.
وبين أن إلغاء "قانون الانفصال" سيكون مُقدمة لإلغاء أي انسحابات ومشاريع تم العمل بها من قبل الحكومات الإسرائيلية السابقة، وخطوة تمهيدية لمناقضة الاتفاقات الموقعة مع السلطة الفلسطينية أو الدول المُجاورة.
واعتبر العودة الإسرائيلية الى البؤرة الاستيطانية العشوائية "حوميش"، سيكون بمثابة عودة للإرهاب الإسرائيلي والمنع الأمني بالمنطقة، مستدركاً:" الاحتلال سيحول المنطقة لثكنة عسكرية مغلقة، ممتلئة بالحواجز العسكرية ونقاط التفتيش وكاميرات المراقبة، وبالتالي ستكون الحياة صعبه للغاية بالنسبة للفلسطينيين".
التعليقات : 0