ائتلاف نتنياهو.. بين سندان الانقسامات الداخلية ومطرقة العمليات الفدائية..

ائتلاف نتنياهو.. بين سندان الانقسامات الداخلية ومطرقة العمليات الفدائية..
أقلام وآراء

وكالات/الاستقلال: 

 

 بقلم: أحمد عبد الرحمن:

 

لم يكن أشد المتشائمين في معسكر اليمين الإسرائيلي، يتوقّع أن تنقلب الصورة بهذا الشكل الدراماتيكي، بعد أقل من 5 أشهر على فوز ائتلاف بنيامين نتنياهو والتيار الديني الصهيوني، بالانتخابات البرلمانية الخامسة التي جرت في غضون الأربع سنوات الأخيرة.

 

فالنتائج التي أُعلنت مساء الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، والتي حصل بموجبها الائتلاف الحاكم الحالي في "إسرائيل" على 64 مقعداً، ضمنت له تأليف حكومة قوية ومنسجمة في كثير من الملفات، يبدو أنها كانت خادعة، وحملت في طيّاتها الكثير من المفاجآت غير المتوقّعة، ويبدو أن حالة النشوة التي شعر بها أنصار "الائتلاف" في ذلك الوقت، كانت عبارة عن "غمامة صيف"، سرعان ما انقشعت تحت وطأة الكثير من التحديات، على المستويين الداخلي والخارجي.

 

أولى هذه التحديات، هو الانقسام الداخلي، الذي أصاب المجتمع الإسرائيلي، وباتت تداعياته أكثر وضوحاً بعد محاولة الحكومة الحالية، تمرير حزمة من القوانين التي تقلّص صلاحيات الجهاز القضائي، لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية. ومع أن الساحة السياسية في "إسرائيل" شهدت في السابق احتجاجات مشابهة، وفي ظل حكم نتنياهو تحديداً، كتلك التي شهدها صيف العام 2011، بسبب ارتفاع أجرة السكن، وغلاء المعيشة، إلا أن ما يجري الآن يختلف بشكل كبير، سواء من حيث الأسباب، أو من حيث الحجم، والتداعيات المحتملة.

 

فحملة الاحتجاجات الحالية التي انطلقت شرارتها في كانون الأول/ديسمبر من العام المنصرم، تكاد تكون الأولى من نوعها التي تنخرط فيها أطياف متعددة من الجمهور الإسرائيلي، وبأعداد كبيرة وصلت إلى ما يقارب الـ 250 ألف متظاهر قبل أسبوع تقريباً، حيث وصل بهم الأمر إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى أهم مطار في "إسرائيل"، وهو مطار اللد (بن غوريون)، ما أجبر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، على عقد لقائه مع نتنياهو داخل أروقة المطار، الذي وصله الأخير على غير العادة بطائرة مروحية، في سابقة مُحرجة لم تعهدها "إسرائيل" من قبل.

 

إلى جانب هذه المشاركة الحاشدة وغير المسبوقة للإسرائيليين، برز دور جنود وضباط الاحتياط العاملين في وحدات مختلفة من "الجيش"، والذين تقدّموا بعرائض احتجاج لمديريهم، يعلنون فيها عدم مشاركتهم في التدريبات، أو العمليات الحربية إذا لزم الأمر، في حال تمرير ما يسمى بـ "الإصلاحات القضائية"، وعلى رأس أولئك الجنود طيّارو سلاح الجو، الذي يُعتبر ذراع "إسرائيل" الطويلة، التي تهدّد به كل دول المنطقة، وتُفاخر بأنه أحد أحدث الأذرع الجوية على مستوى العالم.

 

وهذا دفع قادة كباراً في "الجيش" الإسرائيلي للقول: "إن إسرائيل ستكون بلا أجنحة، في حال نشبت حرب بينها وبين إيران، أو حزب الله، أو المقاومة في غزة"، ولم يقتصر هذا الأمر على الطيارين الحربيين فقط، بل امتد ليشمل نظرائهم المدنيين، الذين وصل بهم الحال إلى الامتناع عن نقل رئيس الوزراء نتنياهو، وزوجته سارة، في رحلتهما إلى العاصمة الإيطالية روما، ما اضطره للاستعانة بطيار من اليهود الحريديم للقيام بهذه المهمة.

 

مع العلم أن تنقّلات رئيس الوزراء في الكيان الصهيوني تخضع عادة لإجراءات يُطلق عليها "الرحلات الخاصة"، والتي لا تخضع لنظام الجدولة كباقي الرحلات العادية، وهي تحتاج لإجراء مناقصة خاصة للحصول على طيّارين متطوّعين، وهو ما قامت به بالفعل شركة "إل عال"، حيث لم يتقدّم أي طيار للقيام بهذه المهمة.

 

إضافة إلى ذلك برز موقف جنود وضباط قوات النخبة، في شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والتي يُناط بها تنفيذ العمليات الاستخبارية الخارجية، التي تصل في بعض الأحيان لتنفيذ عمليات تخريبية في دول "معادية"، وعمليات اغتيال ضد معارضي الكيان في العديد من دول العالم.

 

التحدّي الثاني والذي لا يقل خطورة عن الأول، هو سلسلة العمليات الفدائية التي ينفذها مقاومون فلسطينيون، سواء داخل المدن المحتلة عام 48، أو في مدن ومخيمات الضفة الغربية، والتي كان آخرها حتى لحظة كتابة هذا المقال، عملية شارع "ديزنغوف" وسط مدينة تل أبيب، والتي نفذها الشهيد البطل المعتز بالله الخواجا، من قرية نعلين غرب رام الله، والتي أتت بعد ساعات قليلة، من جريمة اغتيال 3 من مقاتلي "كتيبة جبع" التابعة لسرايا القدس، على يد القوات الخاصة الصهيونية.

التعليقات : 0

إضافة تعليق